وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ عَظِيْمَة عَلَى القَائِم فِي إِعَادَةِ الخِلاَفَة إِلَيْهِ وَقَطعِ خُطبَة المِصْرِيّين الَّتِي أَقَامَهَا البَسَاسيرِي.
ثُمَّ نَفَّذَ طُغْرُلْبَك مائَة أَلْف دِيْنَار برسم نَقل الجهَاز فَعُمِلَ العرسُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأُجْلِسَتْ عَلَى سرِيرٍ مُذَهَّب وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنَ يَديهَا فَقبَّل الأَرْضَ وَلَمْ يَكشف المِنْدِيل عَنْ، وَجههَا وَقَدَّمَ تُحَفاً سنِيَّة وَخدم وَانْصَرَفَ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا عِقْدَيْن مَجوْهَرِيْنَ وَقطعَة يَاقُوْت عَظِيْمَة ثُمَّ دَخَلَ مِنَ الغَدِ فَقبَّلَ الأَرْضَ وَجَلَسَ عَلَى سرِيرٍ إلى جانبها سَاعَةً وَخَرَجَ وَبَعَثَ لَهَا فَرجيَّة نسيجٍ مُكَلَّلَة بِالجَوْهَر وَمُخْنِقَة أَي قلاَدَة مُثَمّنَة وَسُرَّ بِهَا. هَذَا وَالخَلِيْفَةُ فِي أَلَمٍ وَحُزنٍ وَكَظْمٍ فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الخُلَفَاء الضُّعَفَاء فَودُّه لَوْ زَوَّجَ بِنْته بِأَمِيْرٍ مِنْ عتقَاء السُّلْطَان ثُمَّ إِنَّ طُغْرُلْبَك خَلاَ بِهَا وَلَمْ يُمتَّع بِنعيم الدُّنْيَا بَلْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنَ السّنَة بِالرَّيّ سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَحُمِلَ إِلَى مَرْو فَدُفن عِنْد أَخِيْهِ وَقِيْلَ: بَلْ دُفِنَ بِالرَّيّ وَعَاشَتِ الزَّوْجَةُ الخَلِيفتيَّة إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَصَارَ مُلكه مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِ أَخِيْهِ السُّلْطَان أَلب آرسلاَن.
وَلَمْ يُرْزَق طُغْرُلْبَك وَلداً، وَعَاشَ سَبْعِيْنَ عَاماً، وَكَانَ بِيَدِهِ خُوَارَزْم، وَنِيسَابور وَبغدَاد وَالرَّيّ وَأَصْبَهَان، وَكَانَ أَخُوْهُ إِبْرَاهِيْم يَنَالُ قَدْ حَارَبه وَجَرَتْ أُمُوْرٌ وَحصل فِي يَدِهِ مَلِكٌ كَبِيْر لِلروم، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ أَمْوَالاً عَظِيْمَة، فَأَبَى عَلَيْهِ فَبَعَثَ نَصْر الدَّوْلَة صَاحِبُ الجَزِيْرَة وَميَّافَارِقين يَشفَعُ فِي فِكَاكه فَبعثَه طُغْرُلْبَك إِلَى نَصْر الدَّوْلَة بِلاَ فِدَاء فَانْتخَى ملك الروم وأهدى إلى طغرلبك مائةي أَلف دِيْنَار وَخَمْس مائَةِ أَسير وَأَلفاً وَخَمْس مائَةِ ثَوْب وَمائَةِ لبنَة فِضَّة وَأَلف عنزٍ أَبيض وَثَلاَثِ مائَةٍ شِهْرِي وَبَعَثَ إِلَى نَصْر الدولة تحفًا ومسكًا كثيرًا.