قُلْتُ: الفَلاَسِفَة يَعدُّوْنَ اتخَاذ الوَلَدِ وَإِخرَاجَهُ إِلَى الدُّنْيَا جنَايَةً عَلَيْهِ وَيظهرُ لِي مِنْ حَال هَذَا المَخْذُول أَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ لَمْ يَجزِم بِنِحْلَةٍ. اللَّهُمَّ فَاحفظ عَلَيْنَا إِيْمَاننَا.
وَنَقَلَ القِفْطِيّ أَنَّ أَبَا العَلاَء قَالَ: لَزِمْتُ مسكنِي مُنْذُ سَنَةَ أَرْبَع مائَة وَاجتهدتُ أَنْ أَتوفَّرَ عَلَى الحمدِ وَالتَّسْبيحِ إلَّا أَنْ أُضْطَرَّ إِلَى غَيْر ذَلِكَ فَأَمْلَيْتُ أَشيَاءَ تَولَّى نسخَهَا أَبُو الحَسَنِ ابْن أَبِي هَاشِمٍ فِي الزُّهْدِ وَالعظَاتِ وَالتَّمجيدِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الْفُصُول وَالغَايَات مائَة كُرَّاسة وَمُؤلَّفٌ فِي غريب ذلك عشرون كراسة وإقليد الغَايَات فِي اللُّغَة عَشر كَرَارِيْس وَكِتَاب الأَيك والغصون ألف ومائةا كراسة وكتاب مختلف الفصول نحو أربع مائة كراس وتاج الحرّة فِي وَعظ النِّسَاء نَحْو أَرْبَع مائَة كراسة والخطب مُجَلَّد وَكِتَاب فِي الْخَيل عشر كَرَارِيْس وَكِتَاب خطبة الفصيح خمس عشرة كراسة وترسيل الرموز مجلد ولزوم ما لا يلزم نحو مائة وعشرين كراسة وزجر النَّابح مُجَلد وَكِتَاب نَجر الزّجر مِقْدَاره وَكِتَاب شرح لزوم ما لا يَلزم ثَلاَث مُجَلَدَات وَكِتَاب مُلْقَى السَّبِيل جُزْء ومواعظ في مجلد وخماسية الرَّاح فِي ذَمّ الخَمْر عشر كَرَارِيْس قُلْتُ: أَظنّه يَعْنِي بِالكرَّاسَة ثَلاَث وَرقَات وَكِتَاب سقط الزَّنْد وَكِتَاب القوَافِي وَالأَوزَان سِتُّوْنَ كرَّاسَة وَسرد أَشيَاء كَثِيْرَة أَدبيَات وَكِتَابُه فِي الزُّهْد يُعرفُ بِكِتَاب اسْتَغْفر وَاسْتَغْفرِي مَنظومٌ نَحْو عَشْرَة آلاَف بَيْت الْمَجْمُوع خَمْسَة وَخَمْسُوْنَ مُصَنّفاً. قَالَ: فِي نَحْو أَرْبَعَة آلاَف وَمائَة وَعِشْرِيْنَ كرَّاسَة.
قُلْتُ: قَدْ قدَّرتُ لَكَ الكرَّاسَة.
قَالَ القِفْطِيّ: أَكْثَرُ كتبِهِ عُدِمَتْ وَسلم مِنْهَا مَا خَرَجَ عَنِ، المَعَرَّة قَبْل اسْتبَاحَةِ الكُفَّار لَهَا.
قُلْتُ: قَبْرُهُ دَاخِل المَعَرَّة فِي مَكَان دَاثِرٍ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي الصَّقْر الأَنْبَارِيّ وَطَائِفَة وَقَدْ طَالَ المَقَالُ وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أنس زهاد المُؤْمِنِيْنَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا خُتِمَ لَهُ. وَمِنْ خَبِيْثِ قَوْله:
أَتَى عِيْسَى فَبَطَّلَ شَرْعَ مُوْسَى ... وَجَاءَ محمّدٌ بصَلاَةِ خَمْسٍ
وَقَالُوا: لاَ نبيٌّ بَعْدَ هَذَا ... فَضلَّ القَوْمُ بَيْنَ غدٍ وَأَمْسِ
وَمهمَا عِشْتَ مِنْ دُنْيَاك هذِي ... فَمَا تُخْلِيكَ مِنْ قَمَرٍ وَشَمْسِ
إِذَا قُلْتُ المُحَالَ رَفَعتُ صوتي ... وإن قلت الصحيح أطلت همسي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تُرِقِ الدِّمَاءَ زَهَادَةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتَ اليَوْمَ مِنْ جَفْنِي دمَا
سَيَّرْتَ ذِكْرَكَ فِي البِلاَدِ كَأَنَّهُ ... مسكٌ فَسَامِعَةً يُضَمَّخُ أَوْ فَمَا
وَأَرَى الحَجِيْجَ إِذَا أَرَادُوا لَيْلَةً ... ذِكرَاكَ أخرج فديةً من أحرما
وممن رَوَى عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسّن التَّنوخِي وَمَاتَ قَبْلَهُ وَغَالِبُ بنُ عِيْسَى الأَنْصَارِيّ.
وَكَانَتْ عِلَّتُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ فِي أَوَائِل شَهْر ربيع الأَوَّل مَنْ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وأربع مائة وعاش ستًا وثمانين سنة.
وَمِمَّنْ رثَاهُ تِلْمِيْذُه أَبُو الحَسَنِ عليّ، فَقَالَ: