3914- القاضي عبد الوهاب 1:

هُوَ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ، عبد الوهاب بن علي ابن نَصْرِ بن أَحْمَدَ بنِ حُسَيْن بن هَارُوْنَ بن أَمِيْرِ العَرَبِ مَالِكِ بن طوق، التَّغْلِبِيُّ العِرَاقِيُّ، الفَقِيْهُ المَالِكِيُّ، مِنْ أَولاَد صَاحِب الرَّحْبَة.

صَنَّفَ فِي المَذْهَب كِتَاب "التَّلقين"، وَهُوَ مِنْ أَجود المُخْتَصَرَات، وَلَهُ كِتَابُ المعرفَة فِي شرح الرِّسَالَة، وَغَيْر ذَلِكَ.

ذَكَرَهُ أَبو بكرٍ الخَطِيْبُ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، رَوَى عَنِ الحُسَيْن بن مُحَمَّد ابن عُبَيْدٍ العَسْكَرِي، وَعُمر بنِ سَبَنْك. كَتَبْتُ عَنْهُ، لَمْ نلقَ أَحداً مِنَ المَالِكيين أَفقهَ مِنْهُ، وَلِي قَضَاءَ بَادَرَايَا وَبَاكُسَايَا.

وَخَرَجَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى مِصْرَ، وَاجتَاز بِالمَعَرَّة فضيَّفه أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ:

وَالمَالِكِيُّ ابْنُ نصرٍ زَار فِي سفرٍ ... بِلاَدَنَا فحمدنا النّأي والسّفرا

إِذَا تَفَقَّهَ أَحْيَا مَالِكاً جَدَلاً ... وَيَنْشُرُ المَلِكَ الضَّلِّيْلَ إِنْ شَعَرَا

وَلَهُ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:

ونائمةٍ قَبَّلْتُهَا فَتَنَبَّهَتْ ... وَقَالَتْ تَعَالُوا فَاطْلُبُوا اللِّصَّ بِالحَدِّ

فَقُلْتُ لَهَا إِنِّيْ فَدَيْتُكِ غاصبٌ ... وَمَا حَكَمُوا فِي غاصبٍ بِسِوَى الرَّدِّ

خُذِيْهَا وَكُفِّي عَنْ أثيمٍ ظُلاَمَةً ... وَإِنْ أَنْتِ لَمْ تَرْضَي فَأَلْفاً عَلَى العَدِّ

فَقَالَتْ قصاصٌ يَشْهَدُ العَقْلُ أَنَّهُ ... عَلَى كَبِدِ الجَانِي أَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ

وَبَانَتْ يَمِيْنِي وَهِيَ هِمْيَانُ خَصْرِهَا ... وَبَانَتْ يَسَارِي وَهِيَ وَاسِطَةُ العِقْدِ

فَقَالَتْ أَلَمْ أُخبر بِأَنَّكَ زاهدٌ ... فَقُلْتُ بَلَى مَا زِلْتُ أَزْهَدُ فِي الزُّهْدِ

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "الطَّبَقَات": أَدْرَكْتُ عَبْد الوَهَّابِ وَسمِعتُهُ يُنَاظر، وَكَانَ قَدْ رَأَى القَاضِي الأَبْهَرِيَّ وَلَمْ يَسْمَعْ: مِنْهُ. وَلَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الفِقْهِ: خَرَجَ إِلَى مِصْرَ، وَحَصلَ لَهُ هُنَاكَ حَالٌ مِنَ الدُّنْيَا بِالمغَاربَة.

وَقِيْلَ: كَانَ ذَهَابُهُ إِلَى مِصْرَ لإِفلاسٍ لحقَهُ. فمات بها في شهر صفر سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَة.

وَكَانَ أَخُوْهُ مِنَ الشُّعَرَاء المَذْكُوْرِين، وَلِي كِتَابَة الإِنْشَاء لجلاَل الدَّوْلَة، ثُمَّ نَفَّذَهُ رَسُولاً. وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ. مَاتَ بِوَاسِط فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

وَمَاتَ أَبُوْهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015