الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِهْرَانَ، الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الأُصُوْلِيُّ الشَّافِعِيُّ، المُلَقَّبُ رُكْن الدِّيْن. أَحَدُ المُجْتَهِدِيْن فِي عَصْرِهِ، وَصَاحِبُ المُصَنَّفَات البَاهرَة.
ارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ، وَسَمِعَ مِنْ: دَعْلَجٍ السِّجْزِيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَبِي رُوْبَا، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَزْدَاد بنِ مَسْعُوْد، وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَعِدَّةٍ، وَأَمْلَى مَجَالِسَ وَقَعَ لِي مِنْهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ فِي المُنَاظرَة، وَأَبُو السَّنَابِل هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي الصَّهْبَاء، وَطَائِفَةٌ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ كِتَابُ جَامع الخلِي فِي أُصُوْل الدِّيْنِ وَالرَّدّ على الملحدين، في خمس مجلدات.
وبُنِيَتْ لَهُ بِنَيْسَابُوْرَ مَدْرَسَةٌ مَشْهُوْرَةٌ. تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُوْرَ يَوْمَ عَاشُورَاء مِنْ سَنَة ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الطَّبَقَات: درَس عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الطَّيِّبِ، وَعَنْهُ أَخَذَ الكَلاَمَ وَالأُصُوْلَ عَامَّةُ شُيُوْخِ نَيْسَابُوْر.
وَقَالَ غَيْرُهُ: نُقِلَ تَابُوتُهُ إِلَى إِسْفَرَايين، وَدُفِنَ هُنَاكَ بِمَشْهَده.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ طِرَازَ نَاحِيَةِ المَشْرِقِ، فَضْلاً عَنْ نَيْسَابُوْر، وَمِنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ، المُبَالِغِيْنَ فِي الوَرَع، انْتَخَبَ عَلَيْهِ الحَاكِمُ عَشْرَةَ أَجزَاء، وَذكره فِي تَارِيْخِهِ لِجَلاَلَتِهِ، وَانْتَقَى لَهُ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ أَلفَ حَدِيْثٍ، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الإِملاَء، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِر: حَكَى لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أن الصاحب إسماعيل ابن عَبَّاد كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى ذكر هَؤُلاَءِ، يَقُوْلُ: ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ بَحْرٌ مُغْرِق، وَابْن فُوْرَك صِلٌّ مُطْرِق، وَالإِسْفَرَايِيْنِيّ نَارٌ تُحْرِق.
قَالَ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِهِ": أَبُو إِسْحَاقَ الأُصُوْلِيُّ الفَقِيْهُ المُتَكَلِّمُ، المُتَقَدِّمُ فِي هَذِهِ الْعُلُوم، انْصَرَفَ مِنَ العِرَاقِ وقد أقر له العلماء بالتقدم. إلى أَنْ قَالَ: وَبُنِي لَهُ بِنَيْسَابُوْرَ المَدْرَسَةُ الَّتِي لَمْ يُبْنَ بِنَيْسَابُوْرَ مِثْلُهَا قبلَهَا، فَدَرَّسَ فِيْهَا.