مَلِكُ العِرَاقِ وَفَارس، سُلْطَانُ الدَّوْلَة، أَبُو شُجَاعٍ، فناخسرو بن الملك بهاء الدولة خره فيروز بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي.
تملك بَعْد أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة، فَكَانَتْ أَيَّامُه اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَزَرَ لَهُ فَخرُ الملك أبو غالب، فقرىء عهدُ سُلْطَانِ الدَّوْلَة مِنَ القَادِرِ بِاللهِ، وَالأَلقَابُ كَانَتْ: عمَادَ الدِّيْنِ، مُشَرِّفَ الدَّوْلَة، مُؤَيِّد المِلَّة، مُغِيْثَ الأُمَّة، صَفِيَّ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ. ثُمَّ أُحضرتِ الخِلَعُ وَهِيَ سبعٌ عَلَى العَادَة، وَعِمَامَةٌ سَوْدَاء، وتاج مرصع، وسيف، وسواران، وطوق، وَفَرَسَان، وَلوَاءان عقدهُمَا القَادِر بِيَدِهِ، وَتَلَفَّظَ بِالحلفِ لَهُ بِمسمع: مِنَ الوَزِيْر أَبِي غَالِب وَالكِبَار وَنُفِّذَ ذَلِكَ مَعَ القَاضِي أَبِي خَازمٍ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ وَخَادمِين إِلَى فَارس، أَوّلُ العَهْدِ: مِنْ عَبْدِ اللهِ أَحْمَد الإِمَامِ القَادِر بِاللهِ أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن بَهَاءِ الدَّوْلَة مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ: سَلاَمٌ عَلَيْك ... فَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ. وَمِنْهُ: أَمَّا بَعْدُ -أَطَال اللهُ بَقَاءَك- إِلَى أَنْ قَالَ: وَكُتِبَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ فِي "تَاريخه": لمَا صَارَ الأَمْرُ إِلَى سُلْطَان الدَّوْلَة، اسْتخلَف بِبَغْدَادَ أَخَاهُ مُشَرِّف الدَّوْلَة أَبَا عَلِيّ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ إِمَارَةَ الأَترَاكِ خَاصّةً، فَحَسَّنُوا لَهُ العصيَانَ، فَاسْتولَى عَلَى بَغْدَاد وَواسط، وَتردَّد الأَترَاكُ إِلَى الدِّيْوَان، فَأَمر بِقطع خُطبَة سُلْطَانِ الدَّوْلَة، وَأَنَّ يُخْطَبَ لمُشَرِّف الدَّوْلَة.
وَكَانَ دخولُ سُلْطَانِ الدَّوْلَة بَغْدَاد سَنَة تِسْعٍ، وَتلقَّاهُ الخَلِيْفَةُ، وضُربت لَهُ النَّوبَةُ فِي أَوقَات الصَّلواتِ الْخمس، فَأُوحش القَادِرُ، وَكَانَتِ العَادَةُ جَارِيَةً مِنْ أَيَّام عضد الدولة بضرب النَّوبَة ثَلاَثَ أَوقَات.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمَّا تَمَكَّنَ مُشَرِّف الدَّوْلَة، انحَاز أَخُوْهُ إِلَى أَرَّجَان، وَتنَاقضت أَمورُه، وَكَانَ يُوَاصِلُ الشُّرب حَتَّى فسد خلقه، وطلب طبيبًا لفصده، فَفَصده بِحضرَةِ الأَوْحَد، وَنفذَ قَضَاءُ الله فِيْهِ بشيرَاز فِي شَوَّالٍ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة عَنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَخمسَة أَشهر. وَلَمَّا مَاتَ، نهبت الدَّيْلَمُ مَا قدرُوا عَلَيْهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِم الأَوْحَدُ بَابنه أَبِي كَالِيْجَارَ، فَخُطِبَ لَهُ بخُوِزسْتَان. وَظَهَرَ الْملك أَبُو جَعْفَرٍ بنُ كَاكويه فَتَمَلَّكَ هَمَذَان، وَقهر بنِي بُويه، وافتتح الدينور وشابور خواست، وعظمت هيبته.