قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: رَوَى الكَلْبِيُّ وَالهَيْثَمُ بنُ عدي أن الناقل للكتابة العَرَبِيَّة مِنَ الحِيْرَةِ إِلَى الحِجَاز هُوَ حَرْبُ بنُ أُمَيَّةَ. فَقِيْلَ لأَبِي سُفْيَانَ: مِمَّنْ أَخَذَ أَبُوكَ الكِتَابَة؟ قَالَ: مِنِ ابْنِ سِدْرَة، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ وَاضعهَا مرَامر بنِ مُرَّةَ، قَالَ: وَكَانَتْ لِحِمْيَر كِتَابَةٌ تُسَمَّى المُسْنَد، حُرُوْفُهَا مُنْفَصِلَةٌ، غَيْرُ مُتَّصِلَة، وَكَانُوا يَمْنعُوْنَ العَامَّةَ مَنْ تَعَلُّمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ، لَمْ يَكُنْ بجَمِيْع اليَمَن مَنْ يَقْرَأ وَيَكَتُب.

قُلْتُ: هَذَا فِيْهِ نَظَرٌ، فَقَدْ كَانَ بِهَا خَلْقٌ مِنْ أَحْبَار اليَهُوْدِ يَكْتُبُوْنَ بِالعبرَانِي.

إِلَى أَنْ قَالَ: فَجَمِيْعُ كِتَابَات الأُمَم اثْنَتَا عَشْرَةَ كِتَابَةً، وَهِيَ: العَرَبِيَّةُ، وَالحِمْيَرِيَّةُ، وَاليُوْنَانيَّة، وَالفَارِسِيَّة، وَالرُّوْمِيَّةُ، وَالسِّرْيَانيَّة، وَالقِبْطِيَّة، وَالبَرْبَريَّة، وَالأَنْدَلُسِيَّة، وَالهِنْدِيَّةُ، وَالصِّيْنِيَّةُ، وَالعِبْرَانِيَّة، فَخَمْسٌ مِنْهَا ذَهَبَتْ: الحِمْيَرِيَّةُ، وَاليُوْنَانِيَّةُ، وَالقِبْطِيَّةُ، وَالبَرْبَرِيَّةُ، وَالأَنْدَلُسِيَّةُ، وَثَلاَثٌ لاَ تُعْرَفُ بِبِلاَدِ الإِسْلاَم: الرُّوْمِيَّةُ، وَالصِّيْنِيَّةُ، وَالهِنْدِيَّةُ.

قُلْتُ: الكِتَابَةُ مُسَلَّمَةٌ لابْنِ البَوَّاب، كَمَا أَنَّ أَقرأَ الأُمَّةِ أُبَيُّ بنُ كَعْب، وَأَقْضَاهُم عَلِيٌّ، وَأَفْرَضَهُم زَيْد، وَأَعْلَمَهُم بِالتَّأْوِيْلِ ابْنُ عَبَّاس، وَأَمِيْنَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَابِرَهُم مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِين، وَأَصْدَقَهُم لَهْجَة أَبُو ذَر، وَفَقِيْهَ الأُمَّةِ مَالِك، وَمُحَدِّثَهُم أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَلُغَويّهُم أَبُو عُبَيْدٍ، وَشَاعِرَهُم أَبُو تَمَّام، وَعَابدَهُم الفُضَيْل، وَحَافِظَهُم سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، وَأَخْبَاريَّهُم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم سِيبَوَيْهٍ، وَعَرُوضِيَّهُم الخَلِيْلُ، وَخَطِيْبَهُم ابْنُ نُبَاتَة، وَمُنْشِئَهُم القَاضِي الفَاضِل، وَفَارِسَهُم خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ. رَحِمَهُمُ الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015