وقال في "السير" "12/ 116":
قال الخلدي شَيْخ الصُّوْفِيَّة أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بن نصير: مضيتُ إِلَى عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَأَنَا حَدَث، فكتبتُ عَنْهُ مَجْلِساً، وَخَرَجْتُ فلقينِي صُوفيٌ، فَقَالَ: أَيشٍ هَذَا؟ فَأَريتُه فَقَالَ: وَيْحَك، تَدَعُ عِلْمَ الخِرَق، وَتَأَخذُ عِلْم الوَرَق! ثُمَّ خرَّق الأَورَاق، فَدَخَلَ كَلاَمُه فِي قلبِي, فَلم أَعدْ إِلَى عَبَّاس، ووقفت بعرفة ستا وخمسين وقفة.
فعقب الذهبي بقوله: ماذا إِلاَّ صُوفيٌّ جَاهِلٌ يمزِّق الأَحَادِيْثَ النَّبويَة، وَيحُضُّ على أمر مجهول، ما أحوجه إلى العلم.
وقال في "السير" "9/ 336":
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَملَى عَلَيَّ أَحْمَدُ بنُ عَاصِمٍ الحَكِيْمُ: النَّاسُ ثَلاَثُ طَبَقَاتٍ: مَطْبُوْعٌ غَالِبٌ، وهم المؤمنون فإذا غفلوا، ذكوا، وَمَطْبُوْعٌ مَغْلُوْبٌ، فَإِذَا بُصِّرُوا، أَبْصَرُوا وَرَجَعُوا بِقُوَّةِ العَقْلِ، وَمَطْبُوْعٌ مَغْلُوْبٌ غَيْرُ ذِي طِبَاعٍ، وَلاَ سبيل إلى رد هذا بالمواعظ.
فعقب الذهبي بقوله: قُلْتُ: فَمَا الظَّنُّ إِذَا كَانَ وَاعِظُ النَّاسِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ عَبْدَ بَطْنِهِ وَشَهْوَتِهِ، وَلَهُ قَلْبٌ عَرِيٌّ مِنَ الحُزْنِ وَالخَوْفِ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ فِسْقٌ مَكِيْنٌ، أَوِ انْحَلاَلٌ مِنَ الدِّيْنِ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يفضحه الله تعالى.
وقال في "السير" "9/ 349":
قال أحمد بن حنبل في هشام بن عمار: أنه طياش لأنه بلغه أَنَّهُ قَالَ فِي خُطبَتِهِ: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي تجلى لخلقه بخلقه".
فعقب الذهبي بقوله: هذه الكلمة لا ينبغي إِطْلاَقُهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنَىً صَحِيْحٌ، لَكِنْ يَحْتَجُّ بِهَا الحُلُوْلِيُّ وَالاتِّحَادِيُّ، وَمَا بَلَغَنَا أَنَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- تَجَلَّى لِشَيْءٍ إِلاَّ بَجَبَلِ الطُّورِ فَصَيَّرَهُ دَكّاً. وَفِي تَجَلِّيْهِ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِلاَفٌ أَنكَرَتْهُ عَائِشَةُ وَأَثْبَتَهُ ابْنُ عباس.
وقال في "السير" "10/ 50":
قال ابن عيينة: غضب الله داء لا دواء له.
فعقب الذهبي بقوله: قُلْتُ: دواؤُهُ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسحَارِ، وَالتَّوبَةُ النَّصوحُ.
ويبين الحافظ الذهبي فساد مذهب الفلاسفة ويحذر من كتبهم بأوجز عبارة وأخصر بيان: