دَام فِي المَملكَة نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَدَانت له الجزيرة, وأمنت بِهِ، وَقَدْ وَزر لَهُ جَمَاعَة.
وَكَانَ المُؤَيَّد مَعَهُ صُورَةً بِلاَ معنَى، بَلْ كَانَ مَحجوباً لاَ يجْتَمع بِهِ أَمِيْرٌ وَلاَ كَبِيْر، بَلْ كَانَ أَبُو عَامِرٍ يدخُلُ عَلَيْهِ قصرَهُ، ثُمَّ يَخرجُ فَيَقُوْلُ: رَسمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بكذَا وَكَذَا، فَلاَ يُخَالفه أَحدٌ، وَإِذَا كَانَ بَعْد سَنَة أَوْ أَكْثَر، أَركبه فَرساً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ بُرْنُساً، وَحَوْلَهُ جَوَارِيه رَاكبَات، فَلاَ يَعْرِفُه أَحد.
وَقَدْ غَزَا أَبُو عَامِرٍ فِي مدَّته نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ غَزْوَة، وَكثُر السَّبيُ, حَتَّى لأُبيعت بِنْتُ عَظِيْمٍ ذَاتُ حُسنٍ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَلَقَدْ جُمِعَ مِنْ غبار غزواته ما عُمِلَت مِنْهُ لَبِنَةٌ، وَأُلحدت عَلَى خَدِّه، أَوْ ذُرَّ ذَلِكَ عَلَى كَفنه.
توفِّي بِأَقصَى الثُّغوْرِ بِالبَطَنِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً مِعَطَاءً.
وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو مَرْوَانَ عبد الملك.