العلَّامة الرَّبَّانِيُّ قَاضِي الأَنْدَلُسِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن إسحاق بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ السَّلِيْمِ الأُمَوِيُّ, مَوْلاَهُم المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَيمنَ, وَأَحْمَدَ بنَ خَالِدِ بنِ الجبَّاب، وَعِدَّةً, وحجَّ فسَمِعَ مِنِ ابنِ الأَعْرَابِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلينَ, ذَا زُهدٍ وَتَأَلُّهٍ، وَبَاعٍ طَوِيْلٍ فِي الفِقْهِ, وَاختلاَفِ العُلَمَاءِ, رَأْساً فِي الآدَابِ وَالبلاغَةِ وَالنَّحْوِ, روضَةَ معَارِفٍ, تخرَّج بِهِ أَئِمَّةٌ.
وتوفِّي فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَقَدِ أسَنَّ.
حَكَى يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ أنَّ رَجُلاً مَشرقيّاً يُعرفُ بِالشَّيْبَانِيِّ سَكَنَ الأَنْدَلُسَ, فَرَكِبَ ابْنُ السَّلِيْمِ لِحَاجَةٍ, فَأَلجَأَهُ مَطَرٌ غزيرٌ إِلَى أَنْ دَخَلَ دِهْلِيْزَ الشَّيْبَانِيِّ, فرحَّب بِهِ, وَعَزَمَ عَلَيْهِ, فَنَزَلَ, فَفَاوَضَهُ, وَقَالَ: أَيُّهَا القَاضِي, عِنْدِي جَارِيَةٌ لَمْ يُسْمَعْ أَطيبُ مِنْ صَوتِهَا, فَإِنْ أَذِنْتَ أَسْمَعَتْكَ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَأَبيَاتاً, قَالَ: افْعَلْ. فَقَرَأَتْ وغنَّت حَتَّى كَادَ عَقْلُ القَاضِي يَذْهَبُ سُرُوْراً, وَأَخْرَجَ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً لِلْجَارِيَةِ هبَةً وَقَامَ.