وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَنْطوِي عَلَى دين وَحُسْنِ خُلُقٍ، وَمُزَاحٍ, وَكَانَ دَسْتُه فِي وَقْتِهِ فَوْقَ دَسْتِ مُلُوْكِ الإِسْلاَم, وَوَزَرَ لَهُ أَبُو مَرْوَان بنُ شُهيد، وَغَيْرُهُ.

وَنقل بَعْضُهُم أنَّ وَزيراً لَهُ قَدَّم لَهُ هَدِيَة سَنِيَّة مِنْهَا: خَمْس مائَة أَلْفِ دِيْنَار، وَأَرْبَعِ مائَةٍ رَطْل تبراً, وَأَلفَا أَلفِ دِرْهَم, وَمائَةٌ وَثَمَانُوْنَ رطْلاً مِنَ العُود، وَمائَةُ أُوقيَّة مِنَ المِسْك, وَخَمْس مائَة أَوقيَّة عَنْبر, وَثَلاَثِ مائَةٍ أُوقيَّة كَافور, وثَلاَثُوْنَ ثوباً خَاماً, وَستُّ سُرَادِقَات, وَعشرَةُ قنَاطير سمُّور, وَأَرْبَعَة آلاَف رطْل حَرِير, وَأَلف تُرْس، وثمَان مائَةِ تِجفَاف, وَخمسَةَ عشرَ حِصَاناً, وَعِشْرُوْنَ بَغْلاً, وأربعون مملوكًا, ومائة فرس, وعشرون سُرِّيَّة، وضَيْعَتانِ, وَأَلفُ جِسْر؛ كُلُّ جِسْر قيمتُهُ أَلف دِرْهَم, فلقَّبه ذَا الوزَارتين, وَرفع قَدْره.

وَقَدْ تُوُفِّيَ النَّاصر قَبْل تتمَةِ زخرفَةِ مدينَةِ الزَّهْرَاء, فَأَتمهَا ابْنُهُ الْمُسْتَنْصر، وَبِهَا جَامعٌ عَدِيْم المِثَل, وَكَذَا مَنَارته.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: لِي أَرْجُوزَة ذكرتُ فِيْهَا غَزَوَاته.

افتَتَح سَبْعِيْنَ حِصْناً مِنْ أَعْظَم الحُصُون, وَقَدْ مَدَحَتْه الشُّعرَاء.

قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ, وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُوْنَ عَاماً -رَحِمَهُ اللهُ.

وَقَدْ كُنْتُ ذكرتُ تَرْجَمَتَه مَعَ جدِّهُم, فَأَعدتُهَا بزوائِدَ وَفوائِد، وَإِذَا كَانَ الرَّأْس عَالِيَ الهِمَّة فِي الجِهَادِ احتُملت لَهُ هَنَات, وَحسَابه عَلَى اللهِ, أَمَا إِذَا أَمَاتَ الجِهَاد، وَظلمَ العِبَاد، وَللخزَائِن أَبَاد, فَإِنَّ رَبَّك لبالمرصَاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015