الإِمَامُ العَلاَّمَةُ, شَيْخُ النَّحْوِ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دَرَسْتَوَيْه بنِ المَرْزُبَانِ الفَارِسِيُّ النَّحْوِيُّ, تِلْمِيْذُ المُبَرِّدِ.
سَمِعَ يَعْقُوْبَ الفَسَوِيَّ فأكثر, له عنه تاريخه، ومشيخته, وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ عَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ, وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ قُتَيْبَةَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ كُرْبَزَان, وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ.
قدم مِنْ مدينَة فَسَا فِي صباهُ إِلَى بَغْدَادَ, وَاسْتوطنهَا, وَبَرَعَ فِي العَرَبِيَّة، وصنَّف التَّصَانِيْفَ, وَرُزِق الإِسْنَاد العَالِي, وَكَانَ ثِقَةً.
مولده سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَكَانَ وَالِدُهُ رَحَلَ بِهِ.
حدَّث عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْن, وَابْن مَنْدَة، وَابْن رَزْقُوَيْه, وَابْن الفَضْلِ القطان، وأبو علي بن شاذان, وآخرون.
وَله كتَاب الإِرشَاد فِي النَّحْوِ, وَشرح كتَاب "الجَرْمِيّ"، وكتَاب "الهجَاء", و"شرح الفَصِيْح"، و"غَرِيْبُ الحَدِيْث"، و"أَدب الكَاتِب", و"المذكَّر وَالمُؤنَّث"، و"الْمَقْصُور وَالمَمْدُوْد", و"المعَانِي فِي القرَاءات" وَأَشيَاء, وَكَانَ نَاصراً لنَحْو البَصْرِيّين, تخرَّج بِهِ أَئِمَّة.
وثَّقه ابْن مَنْدَة, وَغَيْرُهُ.
وضعَّفه اللاَّلْكَائِيّ هِبَةُ اللهِ, وَقَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: حدِّث عَنْ عَبَّاسٍ الدُّوْرِيّ حَدِيْثاً وَنُعطيكَ دِرْهَماً فَفَعَل، وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ هَذَا, وَهَذِهِ الحِكَايَة بَاطلَة, ابْنُ درَسْتَوَيْه كَانَ أَرفع قَدْراً مِنْ أَنْ يكذب، وحدَّثنا ابْنُ رَزْقُوَيْه عَنْهُ بِأَمَالِي فِيْهَا أَحَادِيْثه عَنْ عَبَّاس، وَسَأَلت البُرْقَانِيّ عَنْهُ فَقَالَ: ضعَّفوه بروَايته تَاريخَ يَعْقُوْبَ عَنْهُ, وَقَالُوا: إِنَّمَا حدَّث بِهِ يَعْقُوْبُ قَدِيْماً, فمتَى سَمِعَهُ مِنْهُ؟
قَالَ الخَطِيْبُ: فِي هَذَا نَظَر, فإنَّ جَعْفَر بنَ دَرَسْتَوَيْه مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ, سَمِعَ مِنْ عَلِيّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَطبقَتِه, فَلاَ يُسْتَنكر أَنْ يَكُوْنَ بكَّر بَابنه فِي السَّمَاع, مَعَ أنَّ أَبَا القَاسِم الأَزْهرِي حَدَّثَنِي قَالَ: رَأَيْتُ أَصلَ كِتَابِ ابْنَ دَرَسْتَوَيْه بتَاريخِ يَعْقُوْب بنِ سُفْيَان, وَوجدتُ سَمَاعَه فِيْهِ صَحِيْحاً.
قِلْتُ: تُوُفِّيَ في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة, أخذ عن ثعلب، والمبرد, وتصانيفه كثيرة.