الإِمَامُ الحَافِظُ الفَقِيْه العَلاَّمَة القُدْوَة شَيْخُ الإِسْلاَم, أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الطُّوْسِيّ الشَّافِعِيُّ, شَيْخُ المَذْهَب بِخُرَاسَانَ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَالفَضْل بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّم اليَشْكُرِيّ الهَرَوِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُوْسَى الكُوْفِيّ الحَمَّارَ، وَمُحَمَّد بنَ عَمْرو قشمرد الحَرَشيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ بن الضُّرَيس، وَأَحْمَد بنَ سَلَمَةَ الحَافِظ، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ القَبَّانِي, وَتَمِيْم بن مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَمُحَمَّد بنَ نَصْرٍ المَرْوَزِيَّ الفَقِيْه, وَلاَزمه مُدَّة, وَأَكْثَرَ عَنْهُ.
وجمعَ وصنَّف، وَعَمِل مُستخرجاً عَلَى صَحِيْح مُسْلِم، وكان من أئمة خراسان بلا مدافعة.
قَالَ الحَاكِمُ: رحَلْتُ إِلَيْهِ إِلَى طُوْس مَرَّتين, وَسأَلْتُه مَتَى تتفرَّغ للتَّصْنيف مَعَ هَذِهِ الفتَاوَى الكثيرَة, فَقَالَ: جَزَّأتُ اللَّيْل أَثلاَثاً؛ فثُلُثٌ أصنِّف، وثُلُث أَنَام, وثُلُث أَقْرَأُ القُرْآنَ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً عَابداً بارعَ الأَدَب, مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِي أَحسنَ صَلاَةً مِنْهُ، وَكَانَ يَصُوْمُ الدَّهْر, وَيقومُ ويتصدَّق بِمَا فَضَل مِنْ قُوته، وَكَانَ يَأْمر بِالمَعْرُوف وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَر.
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر الحَافِظ يَقُوْلُ: أَبُو النَّضْر يُفْتِي النَّاس مِنْ سبعينَ سَنَةً أَوْ نحوِهَا, مَا أُخِذَ عَلَيْهِ فِي فَتْوَى قَطُّ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلْتُ طُوْس وَأَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ عَلَى قَضَائِهَا, فَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ قَطُّ فِي بلدٍ مِنْ بلاَد الإِسْلاَم مِثْل أَبِي النَّضْرِ -رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكمَان، وَلَمْ يقعْ لِي مِنْ حَدِيْثه بِالاتصَال فِيمَا أَعلم.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وأربعين وثلاث مائة.