الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ بنِ بَحْرٍ القَزْوِيْنِيُّ القطَّان, عَالِمُ قَزْوينَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَه سُنَنَه، وَمن مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن دَيْزِيل, وَالحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ, وَالقَاسِم بن مُحَمَّدٍ الدَّلَّال، وَيَحْيَى بن عَبْدك القَزْوِيْنِيِّ, وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي وَالحَسَنَ بن عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِي -لَقِيَهُمَا بِاليَمَنِ- وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَجمع وصنَّف وتفنَّن فِي العُلُومِ, وثَابر عَلَى الْقرب.
حدَّث عَنْهُ: الزُّبَيْر بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظ، وَأَبُو الحَسَنِ النَّحْوِيُّ, وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيُّ، وَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ لاَل, وَأَبُو سَعِيْد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيُّ، وَالقَاسِمُ بن أبي المنذر الخطيب، وأحمد بنُ نَصْرٍ الشَّذَائي المُقْرِئ, تَلاَ عَلَيْهِ عَنْ تلاَوتِهِ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الأَزْرَقِ بحَرْف الكِسَائِيِّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ: أَبُو الحَسَنِ القَطَّان شَيْخٌ عَالِم بجمِيعِ الْعُلُوم وَالتَّفْسِيْر وَالفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَة, كَانَ لَهُ بنُوْنَ: مُحَمَّدٌ وَحسنٌ وَحُسَيْنٌ, مَاتُوا شَبَاباً.
سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوْخ قَزْوين يَقُوْلُوْنَ: لَمْ يرَ أَبُو الحَسَنِ -رَحِمَهُ اللهُ- مِثْلَ نَفْسه فِي الفَضْلِ وَالزُّهْد, أَدَامَ الصِّيَام ثَلاَثِيْنَ سَنَةً, وَكَانَ يُفْطِر عَلَى الخُبزِ وَالمِلْح, وَفَضَائِلُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُعَدّ.
وَقَالَ ابْنُ فَارس فِي بَعْضِ أَمَاليه: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ القَطَّان بَعْدمَا عَلَت سِنُّه يَقُوْلُ: كُنْتُ حِيْنَ رَحَلْتُ أَحفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَأَنَا اليَوْمَ لاَ أَقومُ عَلَى حِفْظ مائَة حَدِيْث.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أُصِبْتُ ببصرِي، وَأَظُنُّ أَنِّي عُوِقْبتُ بكَثْرَةِ كَلاَمِي أَيَّامَ الرِّحْلَة.
قُلْتُ: صَدَقَ وَاللهِ, فَقَدْ كَانُوا مَعَ حُسْن القَصْدِ، وَصحَّةِ النِّيَّة, غالبًا يخافون من الكلام