ابْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي وَاللهِ يَا أُسْتَاذِي. قَالَ: ابْنُ حَمْزَةَ بنِ فُلاَن بنِ فُلاَن بنِ حَبِيْب بن أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ، فَأَخْرَجَ مِنْ كُمّه الجُزْء، فَدَفَعه إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمسكْ هَذَا، فَأَخَذَهُ، فَقَالَ: ادْفَعْه إِلَيَّ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُمْ فَانْصَرِفْ. ثُمَّ جعل أَبُو العَبَّاسِ يَقُوْلُ: دَفَعَ إِلَيَّ فُلاَن بنُ فُلاَن كِتَاب جَدِّه، فَكَانَ فِيْهِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مَنْ يذكر أَنَّ الحُفَّاظ كَانُوا إِذَا أَخذُوا فِي المذَاكرَة، شَرَطُوا أَنْ يعدِلُوا، عَنْ حَدِيْث ابْنِ عُقْدَةَ لاتساعه، وكونه مما لا ينضبط.
وَبِهِ حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ الدَّارَقُطْنِيّ مِصْر أَدْرَكَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الكِنَانِيّ الحَافِظ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَاجتمَعَ مَعَهُ، وَأَخذَا يتذَاكرَانِ، فَلَمْ يزَالاَ كَذَلِكَ حَتَّى ذكر حَمْزَةُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة حَدِيْثاً. فقال له أبو الحسن: أنت هاهنا؟ ثُمَّ فَتح دِيْوَانَ أَبِي العَبَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ مِنْ حَدِيْثه مَا أَبهَرَ حَمْزَةَ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ فِي "تَارِيْخه": كَانَ ابْنُ عُقْدَة زيديّاً جَاروديّاً، عَلَى ذَلِكَ مَاتَ، وَإِنَّمَا ذكرتُهُ فِي جُمْلَة أَصحَابنَا لكَثْرَةِ رِوَايَاته عَنْهُم. وَلَهُ تَارِيْخٌ كَبِيْر فِي ذِكْرِ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ مِنَ النَّاسِ كلّهم وَأَخْبَارِهِم، وَلَمْ يكمل، وكتَابُ "السُّنَن" وَهُوَ عَظِيْم، قِيْلَ: إِنَّهُ حِمْل بهيمَة، وَلَهُ كتَاب "مَنْ رَوَى عَنْ عَلِيّ"، وكتَاب "الجَهْر بِالبَسْمَلَة"، وكتَاب "أَخْبَار أَبِي حَنِيْفَةَ"، وكتَاب "الشُّوْرَى"، وَذَكَرَ أَشيَاء كَثِيْرَة.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي غَالِب يَقُوْلُ: ابْن عُقْدَة لاَ يتديَّن بِالحَدِيْثِ، لأَنَّه كَانَ يَحْمِلُ شُيُوْخاً بِالكُوْفَةِ عَلَى الْكَذِب، يُسوّي لَهُم نُسخاً، وَيَأْمرُهُم أَنْ يَرْووهَا.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ البَاغَنْدِيَّ يَحْكِي فِيْهِ نحو ذلك، وقال: كتب إِلَيْنَا أَنَّهُ خَرَجَ بِالكُوْفَةِ شَيْخٌ عِنْدَهُ نُسَخ، فَقَدِمْنَا عَلَيْهِ، وَقَصَدْنَا الشَّيْخَ، فطَالَبْنَاهُ بِأُصولِ مَا يَرْوِيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي أَصلٌ، وَإِنَّمَا جَاءنِي ابْنُ عُقْدَة بِهَذِهِ النُّسخَ. فَقَالَ: اروهُ يكنْ لَكَ فِيْهِ ذِكْرٌ، وَيرحل إِلَيْك أَهْلُ بَغْدَادَ.
حَمْزَة السَّهْمِيُّ: سَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سُفْيَان الحَافِظ بِالكُوْفَةِ عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ: دَخَلتُ إِلَى دِهْلِيْزه، وَفِيْهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ: أَبُو بَكْرٍ البُسْتِيُّ، وَهُوَ يَكْتُبُ مِنْ أَصلٍ عَتيق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ السّودَانِي، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرنِي. فَقَالَ: أَخَذَ عليَّ ابْنُ سَعِيْدٍ أَنْ لاَ يَرَاهُ مَعِي أَحَدٌ، فَرفقتُ بِهِ حَتَّى أَخذتُه، فَإِذَا أَصل كِتَاب الأُشْنَانِي الأَوَّل مَنْ مُسنَد جَابِر وَفِيْهِ سَمَاعِي. وَخَرَجَ ابْنُ سَعِيْدٍ وَهُوَ فِي يدِي، فَحرِدَ عَلَى البُسْتِيّ، وَخَاصَمَه، ثُمَّ التفتَ إِلِيَّ، فَقَالَ: هَذَا عَارضنَا بِهِ الأَصْل، فَأَمسكتُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ سُفْيَانَ: وَهُوَ ذَا الكِتَابُ عِنْدِي، قَالَ حَمْزَةُ: وَسَمِعْتُ ابْنَ سُفْيَان، يَقُوْلُ: كَانَ أَمره أَبينَ مِنْ هَذَا.