العَلاَّمَةُ شَيْخُ الأَدب أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ دُرَيْد بنِ عَتَاهِيَة، الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، تَنَقَّلَ فِي فَارس وَجزَائِرِ البَحْر يطلبُ الآدَابَ وَلسَانَ العَرَبِ، فَفَاقَ أَهْل زَمَانِهِ، ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَاد. وَكَانَ أَبُوْهُ رَئِيْساً متموِّلاً. ولأبي بكر شعر جيد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي الفَضْل الرِّيَاشِيِّ، وَابْن أَخِي الأَصْمَعِيِّ، وَتَصَدَّرَ لِلإِفَادَة زمَاناً.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ السِّيْرَافيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَان، وَأَبُو الفَرَجِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عُبَيْد الله المرزباني، وإسماعيل ابن ميكال، وعيسى ابن الوَزِيْرِ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَق: مَا رَأَيْتُ أَحفَظَ مِنِ ابْنِ دُرَيْد، وَلاَ رَأَيْتُهُ قُرِئَ عَلَيْهِ دِيْوَانٌ قَطُّ إلَّا وَهُوَ يسَابق إِلَى رِوَايته، يَحْفَظ ذَلِكَ.
قُلْتُ: كَانَ آيَةً مِنَ الآيَات فِي قوَة الحِفْظ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: كُنَّا ندخلُ عَلَيْهِ فَنَسْتَحْيِي مِمَّا نَرَى مِنَ العِيدَانِ وَالشَّرَاب، وَقَدْ شَاخَ.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَزْهَرِيُّ: دَخَلتُ فرَأَيْتُهُ سكرَانَ فَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تكلّمُوا فِيْهِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ: كَانَ يُقَالُ: ابْنُ دُرَيْد أَعْلَمُ الشُّعرَاء، وَأَشعرُ العُلَمَاء.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثمان وتسعون سنة، عفا الله عنه.
ورثَاهُ جَحْظَة فَقَالَ:
فَقَدْتُ بِابْنِ دُرَيْدٍ كُلَّ فَائِدَةٍ ... لَمَّا غَدَا ثَالثَ الأَحجَارِ وَالتُّرَب
وَكُنْتُ أَبكِي لفَقْدِ الجُودِ مُنْفَرِداً ... فَصِرْتُ أَبكِي لِفَقْدِ الجود والأدب