قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْنَا الوَزِيْرَ جَعْفَرَ بنَ الفَضْلِ بِمِصْرَ عَنِ البَاغَنْدِيِّ، فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَحِقْتُه، وَكَانَ لِلْوَزِيْرِ المَاضِي حُجْرتَانِ، إِحدَاهُمَا لِلْبَاغَنْدِيِّ، يَجِيْئُهُ، وَيَقرَأُ لَهُ، "وَالأُخْرَى لِلْيَزِيْدِيِّ"، ثُمَّ قَالَ: جَعْفَرٌ: فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً مَعَ البَاغَنْدِيِّ فِي الحُجْرَةِ يَقرَأُ لِي كُتُبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَقَامَ إِلَى الطَّهَارَةِ، فَأَخَذَ جُزْءاً "مِنْ حَدِيْثِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَإِذَا" عَلَى ظَهرِهِ مَكْتُوْبٌ: مُرَبَّعٌ، وَالبَاقِي مَحْكُوْكٌ، فَرَجَعَ، فَرَأَى فِي يَدِي الجُزْءَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: أَيْشٍ هَذَا مُرَبَّعٌ؟ فَغَيَّرَ ذَلِكَ، وَلَمْ أَفطنْ "لَهُ؛ لأَنِّي أَوَّلُ مَا كُنْتُ دَخَلْتُ فِي كُتُبِ الحَدِيْثِ"، ثُمَّ سألت عنه، فَإِذَا الكِتَابُ لِمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مُرَبَّعٌ، فَحَكَّهُ، وَتَرَكَ مُرَبَّع، فَبَردَ عِنْدِي، وَلَمْ أُخَرِّجْ عَنْهُ شَيْئاً.

قَالَ عُمَرُ بنُ حَسَنٍ الأُشْنَانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ -وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ- فَقَالَ: ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، لَوْ كَانَ بِالمَوْصِلِ، لَخَرَجتُم إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يتطرح عليكم، ولا تريدونه.

قال الدراقطني فِي كِتَابِ "المُصَحِّفِيْنَ": حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ البَاغَنْدِيَّ أَملَى عَلَيْهِم فِي الجَامِعِ فِي حَدِيْثٍ ذَكَرَهَ: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ} "هُوِيّاً" بِاليَاءِ وَضَمِّ الهَاءِ.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ": البَاغَنْدِيُّ مُدَلِّسٌ مُخَلِّطٌ، يَسْمَعُ مِنْ بَعْضِ رِفَاقِهِ، ثُمَّ يُسْقِطُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْخِهِ، وَرُبَّمَا كَانُوا اثْنَيْنِ وَثَلاَثَةً، وَهُوَ كَثِيْرُ الخَطَأِ.

قَالَ البُرْقَانِيُّ: سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ عَنِ ابْنِ البَاغَنْدِيِّ، فَقَالَ: لاَ أَتَّهِمُهُ فِي قَصدِ الكَذِبِ، وَلَكِنَّهُ خَبِيْثُ التَّدلِيسِ، وَمُصَحِّفٌ أَيْضاً، كَأَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ سُويدِ التَّدْلِيْسِ.

وَقَالَ حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ: "هَلْ يَدْخُلُ فِي الصَّحِيْحِ"؟، فَقَالَ: لَوْ خَرَّجتُ "الصَّحِيْحَ"، لَمْ أُدخِلْهُ فِيْهِ، كَانَ يُخَلِّطُ وَيُدَلِّسُ، وَلَيْسَ مِمَّن كَتَبْتُ عَنْهُ آثرُ عِنْدِي وَلاَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، إلَّا أَنَّهُ شَرِهٌ، وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ. وَسَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ، يُحَدِّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، وَرُبَّمَا سَرَقَ.

قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَثْبُتْ مِنْ أَمْرِ البَاغَنْدِيِّ مَا يُعَابُ بِهِ سِوَى التَّدْلِيْسِ، وَرَأَيْتُ كَافَّة شُيُوْخِنَا يَحْتَجُّوْنَ بِهِ، وَيُخَرِّجُونَهُ فِي الصَّحِيْحِ.

قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً لِلْفَخْرِ بنِ البُخَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015