قَالَ ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ بَزُولٌ القَزْوِيْنِيّ يَقُوْلُ: إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ خَفِيْف عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الأَبيَات:
سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ نَاسُوْتُهُ ... سِرَّ سَنَا لاَهُوتِه الثَّاقِبِ
ثُمَّ بدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِراً ... فِي صُوْرَةِ الآكِلِ وَالشَّارِبِ
حَتَّى لَقَدْ عَايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ الحَاجِبِ بِالحَاجِبِ
فَقَالَ ابْنُ خَفِيْف: عَلَى قَائِل ذَا لعنَةُ الله، قَالَ: هَذَا شِعر الحُسَيْن الحَلاَّج، قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا اعْتِقَادَهُ فَهُوَ كَافِر فَرُبَّمَا يَكُوْن مَقُولاً عَلَيْهِ.
السُّلَمِيّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِد بنُ بَكْرٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ فَارس، سَمِعْتُ الحَلاَّج يَقُوْلُ: حجبَهُم الاسْم فَعَاشوا، وَلَوْ أَبَرَز لَهُم علوم القدرة لطاشوا.
وَقَالَ: أَسْمَاءُ اللهِ مِنْ حَيْثُ الإِدرَاكُ رسم، وَمِنْ حَيْثُ الحَقُّ حَقِيْقَة.
وَقَالَ: إِذَا تخلَّص العَبْدُ إِلَى مقَام المَعْرِفَة، أُوحيَ إِلَيْهِ بخَاطرَة.
و"قال": مَنَ التمسَ الحَقَّ بِنُورِ الإِيْمَان، كَانَ كَمَنْ طَلَبَ الشَّمْس بِنُوْرِ الْكَوَاكِب.
وَقَالَ: مَا انفصَلَتِ البشريَّةُ عَنْهُ، وَلاَ اتَّصلت بِهِ.
وَمِمَّا رُوِيَ لِلْحلاج:
أَنْتَ بَيْنَ الشَّغَافِ وَالقَلْبِ تَجْرِي ... مِثْلَ جَرْيِ الدُّمُوعِ مِنْ أَجْفَانِي
وَتَحِلُّ الضَّمِيْرَ جَوْفَ فُؤَادِي ... كَحُلُوْلِ الأَروَاحِ فِي الأَبْدَانِ
يَا هِلاَلاً بَدَا لأَرْبَع عَشْرٍ ... لِثَمَانٍ وَأَرْبَعٍ وَاثْنَتَان
وَله:
مُزِجَتْ رُوْحِي فِي رِوحِكْ كَمَا ... تُمْزَجُ الخَمْرَةُ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ
فَإِذَا مَسَّكَ شَيْءٌ مَسَّنِي ... فَإِذَا أَنْتَ أَنَا فِي كُلِّ حَال
وَعَنِ القَناد قَالَ: لقيتُ يَوْماً الحَلاَّج فِي حَالَةٍ رَثَّةٍ، فقلت له: كيف حالك؟ فأنشأ يقول:
لَئِنْ أَمْسَيْتُ فِي ثَوْبَي عَدِيْمٍ ... لَقَدْ بَليَا عَلَى حُرٍّ كَرِيْمِ
فَلاَ يَحْزُنْكَ أَنْ أَبْصَرْتَ حَالاً ... مُغَيَّرَةً عَنِ الحَالِ القَدِيْم
فَلِي نَفْسٌ سَتَذْهَبُ أَوْ سَتَرْقَى ... لَعَمْرُكَ بِي إِلَى أَمْرٍ جسيم