شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ البَصْرِيُّ. مَاتَ بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي يَعْقُوْبَ الشَّحَّامِ. وَعَاشَ: ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً. وَمَاتَ، فَخلَفَهُ ابْنُه؛ العَلاَّمَةُ أَبُو هَاشِمٍ الجُبَائِيُّ. وَأَخَذَ عَنْهُ فَنَّ الكَلاَمِ أَيْضاً: أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ، ثُمَّ خَالفَهُ، وَنَابَذَهُ، وَتَسَنَّنَ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ -عَلَى بِدعتِه- مُتوسِّعاً فِي العِلْمِ، سَيَّالَّ الذِّهنِ، وَهُوَ الَّذِي ذَلَّلَ الكَلاَمَ، وَسهَّلَه، وَيسَّرَ مَا صَعُبَ مِنْهُ.
وَكَانَ يَقِفُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ: أيهما أفضل؟
وَلهُ كِتَابُ: "الأُصُوْلِ"، وَكِتَابُ: "النَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ"، وَكِتَابُ: "التَّعديلِ وَالتَّجويزِ"، وَكِتَابُ "الاجْتِهَادِ"، وَكِتَابُ "الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ"، وَكِتَابُ "التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ"، وَكِتَابُ "النَّقضُ عَلَى ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ"، كِتَابُ "الرَّدِّ عَلَى ابْنِ كُلاَّبٍ"، كِتَابُ "الرَّدِ عَلَى المنَجِّمِينَ"، وَكِتَابُ "مَنْ يَكفرُ وَمَنْ لاَ يكفرُ"، وَكِتَابُ "شَرحُ الحَدِيْثِ"، وَأَشيَاءٌ كَثِيْرَةٌ.
قِيْلَ: سَأَلَ الأَشْعَرِيُّ أَبَا عَلِيٍّ: ثَلاَثَةُ إِخوَةٍ، أَحَدُهُم تَقِيٌّ، وَالثَّانِي كَافِرٌ، وَالثَّالِثُ مَاتَ صَبِيّاً؟ فَقَالَ: أَمَّا الأَوَّلُ فَفِي الجَنَّةِ، وَالثَّانِي فَفِي النَّارِ، وَالصَّبِيُّ فَمِنْ أَهْلِ السَّلاَمَةِ. قَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصعدَ إِلَى أَخِيْهِ؟ قَالَ: لاَ؛ لأَنَّه يُقَالُ "لَهُ": إِنَّ أَخَاكَ إِنَّمَا وَصلَ إِلَى هُنَاكَ بِعملِه. قَالَ: فَإِنْ قَالَ الصَّغِيْرُ: مَا التَّقْصِيرُ مِنِّي، فَإِنَّكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَلاَ أَقْدَرْتَنِي عَلَى الطَّاعَةِ. قَالَ: يَقُوْلُ اللهُ لَهُ: كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ بَقِيْتَ لَعَصَيْتَ، وَلاستحقَّيْتَ العَذَابَ، فَرَاعَيْتُ مَصْلَحَتَكَ. قَالَ: فَلَو قَالَ الأَخُ الأَكْبَرُ: يَا ربِّ كَمَا علمتَ حَالَه، فَقَدْ عَلمتَ حَالِي، فَلِمَ رَاعِيتَ مَصلحتَهُ دُونِي؟ فانقطع الجبائي.