عَلَى الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيّ! حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: عَلِّمْ مَجَّاناً كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّاناً. فَقَالَ: تُعَرِّضُ بِي? فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ قَصَدْتُكَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الطوسي يقول: مرض صالح جَزَرَة، فَكَانَ الأَطِبَّاءُ يَخْتلفون إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ الأَمْرُ، أَخذَ العَسَلَ وَالشُّونِيْز1، فَزَادَتْ حُمَّاهُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْتَعِدُ وَيَقُوْلُ: بأَبِي أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا كَانَ أَقلَّ بَصَرَكَ بِالطِّبِّ!
قُلْتُ: هَذَا مُزَاحٌ لاَ يَجُوْزُ مَعَ سَيِّدِ الخَلْقِ، بَلْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَ النَّاسِ بِالطِّبِّ النَّبوِيّ، الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ، فَإِنَّهُ قَاله بِوَحْيٍ: "فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دوَاءً" 2، فَعَلَّمَ رَسُولَهُ مَا أَخْبَرَ الأُمَّة بِهِ، وَلَعَلَّ صَالِحاً قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنَ الهُجْرِ3 فِي حَالِ غَلَبَة الرِّعْدَةِ، فَمَا وَعَى مَا يَقُوْلُ، أَوْ لَعَلَّهُ تَاب مِنْهَا، وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ عبَّادَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر الجَنَّةَ. قُلْتُ: وَيْلَكَ! وَلِمَ? قَالَ: لأَنَّهُمَا قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايعَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ خَلْفَ الشَّيْخِ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ بَرَكَةَ الحَلَبِيِّ بِتِلْكَ الأَحَادِيْثِ، فَقَالَ: يا أبا الحسين! ليس ذا بركة، ذا نقمة.
قُلْتُ: كَانَ بركَةُ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ بِالبَصْرَةِ أَبُو مُوْسَى الزَّمِنُ، فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ -أَعنِي: ابْنَ عَبدِ الحمِيدِ- حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ -يَعْنِي: السِّخْتِيَانِيَّ- فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، فَسَأَلَهُ عن حديث، فقال: حدثنا