قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ بن أَبِي دَارم يَقُوْلُ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ لَمَّا أَنكر مُوْسَى بن هَارُوْن عَلَى المَعْمَرِيّ تِلْكَ الأَحَادِيْث، وَأَنَهَى أَمرهُم إِلَى يُوْسُف القَاضِي بَعْدَ أَنْ كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي توسَّط بينهُمَا فَقَالَ مُوْسَى بن هَارُوْن: هَذِهِ أَحَادِيْث شَاذَّة عَنْ شُيُوْخ ثِقَات لاَ بُدَّ مِنْ إِخرَاج الأُصُوْل بِهَا فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قَدْ عُرف مِنْ عَادتِي أَنِّي كُنْت إِذَا رَأَيْت، حَدِيْثاً غَرِيْباً عِنْد شَيْخٍ ثِقَةٍ لاَ أُعَلِّم عَلَيْهِ إِنَّمَا كُنْت أَقرأُ مِنْ كِتَاب الشَّيْخ، وَأَحفظه فَلاَ سَبِيْل إِلَى إخراج الأصول بها.
قَالَ عَلِيّ بن حُمْشَاذ: كُنْت بِبَغْدَاد حنيئذٍ فَأَخْرَج نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً ذكر أَنَّهُ لَمْ يشركهُ فِيْهَا أَحَدٌ وَرفض المَعْمَرِيّ مَجْلِسه فَصَارَ النَّاس حِزْبَيْنِ: حزبٌ للمعمَرِيّ وَحزبٌ لمُوْسَى فَكَانَ مِنْ حجّة المَعْمَرِيّ: أَن هَذِهِ أَحَادِيْث حفظتُهَا عَنِ الشُّيُوْخ لَمْ أَنسخهَا ثُمَّ اتفقُوا بِأَجمعهِم عَلَى عدَالَة المَعْمَرِيّ، وَتقدُّمه.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كَانَ المَعْمَرِيّ كَثِيْر الحَدِيْثِ صَاحِب حَدِيْثٍ بِحقِّهِ كَمَا قَالَ عبدَان: إِنَّهُ لَمْ يرو مثله، وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ رفع أَحَادِيْث وَزَاد فِي متُوْنَ قَالَ: هَذَا شَيْء مَوْجُود فِي البَغْدَادِيِّيْنَ خَاصَّة، وَفِي حَدِيْثِ ثِقَاتِهم وَأنَّهم يرفعُوْنَ الموقُوف، وَيصِلُوْنَ المرْسَل، وَيزيدُوْنَ فِي الإِسْنَاد.
قُلْتُ: بِئست الخِصَال هَذِهِ وَبمثلهَا ينحطُّ الثِّقَة عَنْ رُتْبَة الاحتجَاج بِهِ فَلَو وَقَفَ المُحَدِّثُ المرفوعَ أَوْ أَرسلَ المتَّصلَ لَسَاغ لَهُ كَمَا قِيْلَ: أَنقِصْ مِنَ الحَدِيْثِ، وَلاَ تَزدْ فِيْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ، لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة بقيت مِن المحرم سنة خمس وتسعين، ومائتين.
قَالَ: وَكَانَ فِي الحَدِيْث، وَجمعه وَتصنيفه إِمَاماً رَبَّانِيّاً، وَقَدْ شدَّ أَسنَانه بِالذَّهَبِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَه.
وَقِيْلَ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ كَانَ نَاب فِي القَضَاءِ عَنِ البِرْتِيّ بِالقصر، وَأَعمَالِهَا وَشُهِر بِالمَعْمَرِيّ لأَنَّهُ ابْن أُمّ الحَسَن بِنْت سُفْيَان بن الشَّيْخ أَبِي سُفْيَانَ مُحَمَّد بن حُمَيْد المَعْمَرِيّ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ ارْتَحَلَ إِلَى اليَمَن إِلَى مَعْمَر فلذَا قِيْلَ لَهُ: المَعْمَرِيّ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغرِيّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عَبْد الحَقّ بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الحمامي، أخبرنا ابن قَانِع، حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَلِيّ المَعْمَرِيّ، حَدَّثَنَا هشام ابن عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن وَاقِد، عَنْ مُوْسَى بنِ يَسَار، عَنْ مَكْحُوْل، عَنْ جُنَادَة بن أَبِي أُمَيَّة، عَنْ حَبِيب بن مَسْلَمَة: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ السَّلَب للقاتل"1.