إِلَى مَا آل وَهَزَم عَسَاكِر المُعْتَضِد مَرَّاتٍ، وَفعل العَظَائِم ثُمَّ ذُبِحَ فِي حَمَّام قصره فَخَلَفَه ابْنُهُ سُلَيْمَان الَّذِي أَخذ الحَجَر الأَسْوَد، وقتل الحجيج حول الكعبة وهو وجد أبي علي الذي غلب إلى الشام، وهلك الرملة فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِي سَنَةِ سبعٍ: اسْتفحلَ شَأْنُ القرَامطَة، وَأَسرفُوا فِي القَتْل، وَالسَّبِي وَالتَقَى الجنَّابِي، وَعَبَّاس الأَمِيْر فَأَسَرَه الجَنَّابِي، وَأَسَرَ عَامَّة عسكرِه ثُمَّ قَتَل الجَمِيْع سِوَى عَبَّاس فَجَاءَ إِلَى المعتَضد وَحدَه فِي أَسوأ حَالٍ.
وَوَقع الفَنَاء بِأَذْرَبِيْجَان حَتَّى عُدِمت الأَكفَان جُمْلَةً فكفنُوا فِي اللُّبُود.
وَاعْتل المعتَضد فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ ثُمَّ تمَاثَل وَانتَكَس فَمَاتَ فِي الشَّهر وَقَامَ المكتفِي لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنِ الشَّهر وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ فَنَهَضَ بِالبَيْعَة لَهُ الوَزِيْرُ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَعَنْ وَصيف الخَادِم قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعْتَضد يَقُوْلُ عِنْد مَوْته:
تَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لاَ تَبْقَى ... وَخُذْ صَفْوَهَا مَا إِنْ صَفَتْ وَدَعِ الرَّنْقَا
وَلاَ تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ إِنِّيْ أَمِنْتُهُ ... فَلَمْ يُبْقِ لِي حَالاً وَلَمْ يَرْعَ لِي حَقَّا
قَتَلْتُ صَنَادِيْدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ... عَدُوّاً وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى ظِنَّةٍ خَلْقَا
وَأَخْلَيْتُ دُوْرَ المُلْكِ مِنْ كُلِّ بَازِلٍ ... وَشَتَّتُّهُم غَرْباً وَمَزَّقْتُهُم شَرْقَا
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزّاً وَرِفْعَةً ... وَدَانَتْ رِقَابُ الخَلْقِ أَجْمَع لِي رِقَّا
رَمَانِي الرَّدَى سَهْماً فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فها أناذا فِي حُفْرَتِي عَاجِلاً مُلْقَى
فَأَفْسَدْتُ دُنْيَايَ وَدِيْنِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى
فيا ليت شِعْرِي بَعْدَ مَوْتِي مَا أَرَى ... إِلَى رَحْمَةٍ للهِ أَمْ نَارَهُ أَلقَى؟
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: قَالَ المُعْتَضِد:
يَا لاَ حِظِي بِالفُتُوْرِ وَالدَّعَجِ ... وَقَاتِلِي بالدلال والغنج
أَشْكُو إِلَيْكَ الَّذِي لَقِيْتُ مِنَ ال ... وَجْدِ فهل لي إليك من فرج
حللت بالظروف وَالجَمَالِ مِنَ النَّا ... سِ مَحَلَّ العُيُونِ وَالمُهَجِ
وَكَانَتْ خِلاَفَةُ المعتَضد تسعَ سِنِيْنَ، وَتسعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً، وَدُفِنَ فِي دَارِ الرخَام.
وَلعَبْدِ اللهِ بنِ المُعْتَزِّ يَرثيه: