الفليسوف، البَارع، ذُو التَّصَانِيْف، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الطيب، وَقِيْلَ: أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ السَّرْخسِيّ مِنْ بحور العِلْم الَّذِي لاَ ينفع.
وَكَانَ مُؤَدِّب المُعْتَضد، ثُمَّ صَارَ نَدِيمُهُ، وَصَاحب سره، وَمشورته، وَلَهُ رِئاسَةٌ وَجَلاَلَةٌ كَبِيْرَةٌ.
وَهُوَ تِلْمِيْذ يَعْقُوْب بن إِسْحَاقَ الكِنْدِيّ الفليسوف.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُلحمِي وَمُحَمَّد بن أَبِي الأَزْهَر وَعم صَاحِب الأَغَانِي وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب.
ثمَّ إِنَّ الْمُعْتَضد انتخى للهِ وَقُتِلَ السَّرْخسِيّ لفلسفته وَخبث مُعتقدِه.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ تنصَّل إِلَيْهِ وَقَالَ: قَدْ بِعْت كتب الفلسفَة، وَالنُّجُوْم وَالكَلاَم، وَمَا عِنْدِي سِوَى كتب الفِقْه وَالحَدِيْث فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمُعْتَضد: وَاللهِ إِنِّيْ لأَعِلْم أَنَّهُ زِنْدِيْق فعل مَا زَعَمَ ريَاءً.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: لَكَ سَالف خِدَم فَكَيْفَ تختَار أَن نَقْتُلك.
فَاختَار أَنْ يطعم كبَاب اللَّحْم وَأَنَّ يُسقَى خمراً كَثِيْراً حَتَّى يسكر، وَيُفْصَد فِي يَدَيْهِ فَفَعَل بِهِ ذَلِكَ فصفِي مِنَ الدَّم وَبقيت فِيْهِ حَيَاة، وَغلبت عَلَيْهِ الصَّفرَاء وَجُنَّ وَصَاح، وَبَقِيَ يَنْطَح الحَائِط لِفَرطِ الآلاَم وَيعدو كَثِيْراً حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ فِي أَوّل سَنَة ست ثمانين ومائتين.