رُوَيْدَكَ جَانِبْ رُكُوْبَ الهَوَى ... فَبِئْسَ المَطِيَّة للرَّاكِبِ
وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ مُؤْنِسٍ ... وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ صَاحِبِ
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مُجَوِّداً للقرَاءة، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أُقَدِّمُ نَافعاً فِي القِرَاءةِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ قرأَ عَلَى رَوْحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ غَيْرِي -يَعْنِي: صَاحِب يَعْقُوْب.
ابْن مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّد بن عِيْسَى سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ البَزَّاز يَقُوْلُ: قَدمْتُ البَصْرَة وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ حَيّ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفقهِهِم فَقَالُوا: لَيْسَ بِالبَصْرَةِ أَفقهُ مِنْ أَحْمَد بن عمرو بن أبي عاصم.
أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ: وَصَلَ إِلَيَّ مُنْذُ دَخَلْتُ إِلَى أَصْبَهَانَ مِنْ دَرَاهم القَضَاء زِيَادَة على أربع مئة أَلْف دِرْهَم لاَ يُحَاسبنِي الله يَوْمَ القِيَامَةِ أَنِّي شَرِبتُ مِنْهَا شربَة مَاء أَوْ أَكَلتُ مِنْهَا أَوْ لَبست.
وَأَورد هَذِهِ الحِكَايَة ابْن مَرْدَوَيْه فَقَالَ: أُرَى أَنِّي سَمِعتُهَا مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ.
أَبُو الشَّيْخِ: وَسَمِعْتُ ابني يحكي عن أبي عبد الله الكِسَائِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمر العَلَوِيّ بِالبَصْرَةِ مَا كَانَ ذَهَبَتْ كُتُبِي فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ فَأَعدتُ عَنْ ظهر قلبِي خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث كُنْت أَمُرُّ إِلَى دُكَّانَ البَقَّال فكُنْتُ أَكتبُ بضوءِ سِرَاجِه ثُمَّ تَفَكَّرْت أَنِّي لَمْ أَستَأَذن صَاحِب السِّرَاج فَذَهَبتُ إِلَى البَحْر فَغَسَلْتُه ثُمَّ أَعدتُه ثَانياً.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: فولِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ مُدَّة لإِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ الخَطَّابِي ثُمَّ وَلِي القَضَاء بَعْد مَوْتِ صَالِح بن أَحْمَدَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ ثُمَّ بَقِيَ يُحَدِّث وَيُسْمَع: مِنْهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ قَاضِياً ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكثرتِ الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: عُزل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيف: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: صحبتُ أَبَا تُرَاب فَكَانَ يَقُوْلُ: كم تَشْقَى لاَ يَجِيْءُ مِنْكَ إلَّا قَاضِي، وَكَانَ بَعْدمَا دَخَلَ فِي القَضَاءِ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الصُّوْفِيَّة يَقُوْلُ: القَضَاء، وَالدَّنيَة والكلام في علم الصوفية محال.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كثرت الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ، واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين عَلِيّ بن مَتَّويه وَكَانَ صديقه طول أَيَّامه فَاتَّفَقَ أَنَّهُ صَارَ إِلَى ابْنِ مَتَّويه قَوْمٌ مِنَ المرَابطين فَشَكَوا إِلَيْهِ خَرَاب الرِّباطَات، وَتَأَخر الإِجرَاء عَنْهُم فَاحتدَّ عَلِيُّ بنُ مَتَّويه فَذَكَرَ ابْن أَبِي عَاصِمٍ حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ لاَ يحسن يُقَوِّم سُوْرَة {الْحَمْد} . فَبلغ الخَبَر ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ فَتَغَافَل عَنْهُ إِلَى أَنْ