وزَيْنُ العَابِدِيْنَ: كَبِيْرُ القَدْرِ، مِنْ سَادَةِ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ، وَلَهُ نُظَرَاءُ وَغَيْرُهُ أَكْثَرُ فَتْوَىً مِنْهُ وَأَكْثَرُ رِوَايَةً.
وَكَذَلِكَ ابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: سَيِّدٌ، إِمَامٌ، فَقِيْهٌ يَصْلُحُ لِلْخِلاَفَةِ.
وَكَذَا وَلدُهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَبِيْرُ الشَّأْنِ، مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ، كَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ.
وَكَانَ وَلَدُهُ مُوْسَى: كَبِيْرَ القَدْرِ جَيِّدَ العِلْمِ أَوْلَى بِالخِلاَفَةِ مِنْ هَارُوْنَ، وَلَهُ نُظَرَاءُ فِي الشَّرَفِ وَالفَضْلِ.
وَابْنُهُ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَا: كَبِيْرُ الشَّأْنِ لَهُ عِلْمٌ وَبَيَانٌ وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ صَيَّرَهُ المَأْمُوْنُ، وَلِيَّ عَهْدِهِ لجلالته فتوفي سنة ثلاث ومئتين.
وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الجَوَادُ: مِنْ سَادَةِ قَوْمِهِ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ آبَائِهِ فِي العِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ المُلَقَّبُ بِالهَادِي: شَرِيْفٌ جَلِيْلٌ.
وَكَذَلِكَ ابْنُهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَسْكَرِيُّ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
فَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ هَذَا: فَنَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: أَنَّ الحَسَنَ مَاتَ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ قَالَ: وَثَبَتَ جُمْهُورُ الرَّافِضَةِ عَلَى أَنَّ لِلْحَسَنِ ابْناً أَخْفَاهُ. وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، مِنْ أَمَةٍ اسْمُهَا: نَرْجِسٌ أَوْ سَوْسَنٌ وَالأَظْهَرُ عِنْدَهُم أَنَّهَا صَقِيْلٌ، وَادَّعَتِ الحَمْلَ بَعْدَ سَيِّدِهَا فَأُوْقِفَ مِيرَاثُهُ لِذَلِكَ سَبْعَ سِنِيْنَ، وَنَازَعَهَا فِي ذَلِكَ أَخُوْهُ جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ فَتَعَصَّبَ لَهَا جَمَاعَةٌ، وَلَهُ آخَرُوْنَ ثُمَّ انْفَشَّ ذَلِكَ الحَمْلُ، وَبَطَلَ فَأَخَذَ مِيرَاثَ الحَسَنِ أَخُوْهُ جَعْفَرٌ وَأَخٌ لَهُ، وَكَانَ مَوْتُ الحَسَنِ سنة ستين ومئتين إِلَى أَنْ قَالَ: وَزَادَتْ فِتْنَةُ الرَّافِضَةِ بِصَقِيْلٍ، وَبِدَعْوَاهَا إِلَى أَنْ حَبَسَهَا المُعْتَضِدُ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَجُعِلَتْ فِي قَصْرِهِ إِلَى أَنْ مَاتَتْ فِي دَوْلَةِ المُقْتَدِرِ.
قُلْتُ: وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّ مُحَمَّداً دَخَلَ سِرْدَاباً فِي بَيْتِ أَبِيْهِ، وَأُمُّهُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى السَّاعَةِ مِنْهُ وَكَانَ ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ وَقِيْلَ دُوْنَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَقِيْلَ: بَلْ دَخَلَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي سنة خمس وسبعين ومئتين وَقِيْلَ: بَلْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَنَّهُ حي.
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ زوَالِ العَقْلِ فَلَو فَرَضْنَا وُقُوعَ ذَلِكَ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ فَمَنِ الَّذِي رَآهُ وَمَنِ الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي إِخْبَارِهِ بِحَيَاتِهِ، وَمَنِ الَّذِي نَصَّ لَنَا عَلَى عِصْمَتِهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ؟
هَذَا هَوَسٌ بَيِّنٌ، إِنْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى العُقُولِ ضَلَّتْ، وَتَحَيَّرَتْ بَلْ جَوَّزَتْ كُلَّ بَاطِلٍ أَعَاذَنَا اللهُ وَإيَّاكُم مِنَ الاحْتِجَاجِ بِالمُحَالِ، وَالكَذِبِ أَوْ رَدِّ الحَقِّ الصَّحِيْحِ كَمَا هُوَ دَيْدَنُ الإِمَامِيَّةِ.
وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الحَسَنَ العَسْكرِيَّ لَمْ يُعْقِبْ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبرِيُّ وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَنَاهِيْكَ بِهِمَا مَعْرِفَةً، وثقة.