رَجُلٌ مُشغِبٌ، وَهُوَ يُفْسِدُ عَلَيْنَا هَذِهِ المَدِيْنَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فَاحتَّجُوا عَلَيْهِ بِابْنِ يَحْيَى، وَاسْتعَانُوا عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ فِي نَفْيِهِ مِنَ البلدِ فَأُخْرَجَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَرِعاً يتجنَّبُ السُّلْطَانَ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِم.

قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ، وَاصلٍ البِيْكَنْدِيَّ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بخُرُوْجِ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَمقَامُهُ عِنْدنَا حَتَّى سَمِعْنَا مِنْهُ هَذِهِ الكُتُبَ، وَإِلاَّ مَنْ كَانَ يصلُ إليه وبمقامه في هذه النواحي: فربر وَبِيْكَنْد بقيَتْ هَذِهِ الآثَارُ فِيْهَا، وَتخرَّجَ النَّاسُ بِهِ.

قُلْتُ: خَالِدُ بنُ أَحْمَدَ الأَمِيْرُ قَالَ الحَاكِمُ: لَهُ بِبُخَارَى آثَارٌ محمودَةٌ كُلُّهَا إلَّا مَوْجِدَتَهُ عَلَى البُخَارِيِّ فَإِنَّهَا زَلَّةٌ وَسببٌ لزوَالِ مُلْكِهِ.

سَمِعَ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيَّ، وَطَائِفَةً.

حَدَّثَنَا عَنْهُ بهمذَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الجَلاَّبُ، وَبمروَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقُ وَكَانَ قَدْ مَالَ إِلَى يَعْقُوْبَ بنِ اللَّيْثِ فَلَمَّا حَجَّ حبسوهُ بِبَغْدَادَ حَتَّى مَاتَ لسنتِهِ، وَهِيَ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.

ذِكْرُ وَفَاتِهِ:

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ القدُّوسِ بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى خَرْتَنْك -قَرْيَةٌ عَلَى فَرْسَخيْنِ مِنْ سَمَرْقَنْد- وَكَانَ لَهُ بِهَا أَقربَاء فَنَزَلَ عِنْدَهُم فسَمِعْتُهُ لَيْلَةً يدعُو، وَقَدْ فرغَ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ، وَقبرُهُ بِخَرْتَنْك.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَنْصُوْرٍ غَالِبَ بنَ جِبْرِيْلَ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: إِنَّهُ أَقَامَ عِنْدنَا أَيَّاماً فمَرِضَ، وَاشتدَّ بِهِ المَرَضُ حَتَّى، وَجَّهَ رَسُوْلاً إِلَى مَدِيْنَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي إِخْرَاجِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا، وافى تَهَيَّأَ للرُّكُوبِ فلبسَ خُفَّيْهِ، وَتعمَّمَ فَلَمَّا مَشَى قدرَ عِشْرِيْنَ خطوَةً أَوْ نحوَهَا، وَأَنَا آخِذٌ بَعْضُدِهِ، وَرَجُلٌ أَخذَ مَعِي يقودُهُ إِلَى الدَّابَّةِ ليركبَهَا فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرسلونِي فَقَدْ ضَعُفْتُ فَدَعَا بدعَوَاتٍ ثُمَّ اضطجعَ فَقَضَى رَحِمَهُ اللهُ فسَالَ مِنْهُ العرَقُ شَيْءٌ لاَ يُوْصَفُ فَمَا سَكَنَ مِنْهُ العرَقُ إِلَى أَنْ أَدرجنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، وَكَانَ فِيْمَا قَالَ لَنَا وَأَوْصَى إِلَيْنَا أَنْ كَفِّنُونِي فِي ثَلاَثَةِ أَثوَابٍ بِيْضٍ لَيْسَ فِيْهَا قَمِيْصٌ، وَلاَ عِمَامَةٌ فَفَعَلْنَا ذَلِكَ فَلَمَّا دَفَنَّاهُ فَاحَ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ رَائِحَةٌ غَاليَةٌ أَطيبُ مِنَ المِسْكِ فَدَام ذَلِكَ أَيَّاماً ثُمَّ علَتْ سوَارِيُّ بِيْضٌ فِي السَّمَاءِ مستطيلَةٌ بحِذَاءِ قَبْرِهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَخْتَلِفونَ وَيتعجَّبُوْنَ، وَأَمَّا التُّرَابُ فَإِنَّهُم كَانُوا يَرْفَعُوْنَ عَنِ القَبْرِ حَتَّى ظَهرَ القَبْرُ، وَلَمْ نكنْ نقدِرُ عَلَى حفظِ القَبْرِ بالحراس، وغلبنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015