قُلْتُ: صَدَقَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَمَن نظَرَ فَى كَلاَمِهِ فِي الجرحِ وَالتعديلِ عَلِمَ وَرعَهُ فِي الكَلاَمِ فِي النَّاسِ، وَإِنصَافَهُ فِيْمَنْ يُضَعِّفُهُ فَإِنَّهُ أَكْثَر مَا يَقُوْلُ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ سَكَتُوا عَنْهُ فِيْهِ نظرٌ وَنَحْو هَذَا، وَقَلَّ أَنْ يَقُوْلَ: فلان كَذَّابٌ أَوْ كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتُ فُلاَنٌ فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ فَهُوَ مُتَّهَمٌ، وَاهٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لاَ يُحَاسبُنِي اللهُ أَنِّي اغتبْتُ أَحَداً، وَهَذَا هُوَ وَاللهِ غَايَةُ الوَرَعِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُهُ يَعْنِي البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَكُوْنُ لِي خصمٌ فِي الآخِرَةِ فَقُلْتُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ فِي كِتَابِ "التَّارِيْخ" وَيَقُوْلُوْنَ: فِيْهِ اغتيَابُ النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّمَا روينَا ذَلِكَ رِوَايَةً لَمْ نَقُلْهُ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَ مَوْلَى العَشِيْرَةِ" 1 يَعْنِي: حَدِيْث عَائِشَةَ.

وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا اغتبْتُ أَحَداً قَطُّ مُنْذُ عَلِمتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا.

قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي فِي، وَقْتِ السَّحَرِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَكَانَ لاَ يُوقظنِي فِي كُلِّ مَا يقوم فَقُلْتُ: أَرَاكَ تحمِلُ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَمْ توقظْنِي قَالَ: أَنْتَ شَابٌّ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُفْسِدَ عَلَيْكَ نَومَكَ.

وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ المُقْرِئِ سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُنِيْرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يُصَلِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ فلسعَهُ الزُّنْبُورُ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً فَلَمَّا قضَى الصَّلاَةَ قَالَ: انْظُرُوا أَيش آذَانِي.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: دُعِيَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى بُسْتَانِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى بِالقَوْمِ الظُّهْرَ، قَامَ يتطوَّعُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ رفعَ ذيلَ قمِيصِهِ فَقَالَ لبَعْضِ مَنْ مَعَهُ: انظُرْ هَلْ تَرَى تَحْتَ قمِيصِي شَيْئاً فَإِذَا زنبورٌ قَدْ أَبَرَهُ فِي ستِّةِ عشر، أو سبعة عشر موضعًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015