قال عبد الملك بن هشام: وقتل يومئذ من المسلمين وقاص بن مجزز المدلجي.
وقال البكائي، عن ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ عَنِ عبد الله بن كعب بن مالك، أن مجززًا إنما كان على فرس عكاشة يقال له: الجناح، فقتل مجزز واستلب الجناح. ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة بن ربعي. حبيب بن عيينة بن حصن، وغشاه ببرده، ثم لحق بالناس. وأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمسلمين، فاسترجعوا وقالوا: قُتِلَ أبو قتادة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس بأبي قتادة ولكنه قتيل لأبي قتادة وضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه".
وأدرك عُكاشة بن محصن أوبارًا وابنه عمرو بن أوبار، كلاهما على بعير، فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعًا، واستنقذوا بعض اللقاح.
وسار رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نزل بالجبل من ذي قَرَد، وتلاحق الناس، فَنَزَلَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به، وأقام عليه يومًا وليلة. وقال سلمة: يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح، وأخذت بأعناق القوم. فقال رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فِيمَا بلغني: إنهم الآن ليغبقون1 في غطفان. فقسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه، في كل مائة رجل، جزورًا. وأقاموا عليها ثم رجعوا إلى المدينة.
قال: وانفلتت امرأة الغفارى على ناقة من إبل رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قدمت عليه، وقالت: إني نذرت لله أن أنحرها إن نجاني الله عليها. قال: فتبسم رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قال: "بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها، إنه لا نذر فيما لا يملك ابن آدم إنما هي ناقة من إبلي، ارجعي على بركة الله".
قلت: هذه الغزوة تسمى غزوة الغابة، وتسمى غزوة ذي قرد. وذكر ابن إسحاق وغيره: أنها كانت في سنة ست. وأخرج مسلم2 أنها كانت زمن الحديبية.
قال أبو النضر هاشم بن القاسم: حدثنا عكرمة بن عمّار، قال: حدثنى إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: قدمنا المدينة زمن الحديبية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجت أنا ورباح -غلام النبي- بظهر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ بِفَرسٍ لِطَلْحَةَ بن عبيد الله كنت أريد أن أنديه3