بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ"1. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ مَنِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ? قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَنْ تَبِعَهُ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَمْ أَسْمَعْ عَالِماً مُنْذُ خَمْسِيْنَ سنَةً كَانَ أَشَدَّ تَمَسُّكاً بِأَثَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَسَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْبَ المَرْوَزِيَّ بِبَغْدَادَ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ صَحِبْتَ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ أَيُّهُمَا كَانَ أَرْجَحَ وَأَكبَرَ وَأَبْصَرَ بِالدِّيْنِ? فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ لِمَ تَقُوْلُ هَذَا? إِذَا ذَكَرْتُ مُحَمَّداً فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَلاَ تَقْرُنْ مَعَهُ أَحَداً: البَصْرُ بِالدِّيْنِ، وَاتِّبَاعُ الأَثَرِ، وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَفَصَاحَتُهُ بِالقُرْآنِ وَالنَّحْوِ. ثُمَّ قَالَ لِي: نَظَرَ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ" لاِبْنِ أَسْلَمَ، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ: رَأَتْ عَينَاكَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ? قُلْتُ: لاَ.
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ قَاسمٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، عَنْ سِتِّ مَسَائِلَ، فَأَفْتَى فِيْهَا، وَقَدْ كُنْتُ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، فَأَفْتَى فِيْهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَاحْتَجَّ فِيْهَا بِحَدِيْثِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ، وَلَيْسَ ذَاكَ عِنْدَنَا. وَسَمِعْتُ ابْنَ رَاهْوَيْه ذَاتَ يَوْمٍ رَوَى فِي تَرْجِيْعِ الأَذَانِ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً, ثُمَّ رَوَى حَدِيْثَ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, ثُمَّ قَالَ: يَا قَوْمُ قَدْ حَدَّثْتُكُم بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ فِي التَّرْجِيْعِ، وَلَيْسَ فِي غَيْرِ التَّرْجِيْعِ إِلاَّ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ؛ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ، وَقَدْ أَمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ النَّاسَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَقُلْتُم: هذا مبتدع, عامة أهل بلده بالكوفة غَوْغَاءُ. ثُمَّ قَالَ: احْذَرُوا الغَوْغَاءَ، فَإِنَّهُمْ قَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ حَدَّثْتَ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَمَا لَكَ لاَ تَأْمُرُ مُؤَذِّنَكَ بِالتَّرْجِيْعِ؟ قَالَ: يا مغفل،