وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: إِنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا كَتَبَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي المُذَاكَرَةِ حَدِيْثاً ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ صَالِحٍ إِلَى مِصْرَ، وَانْتَشَرَ عِنْدَ أَهْلِهَا عِلْمُهُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ.
أَنْبَأَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الخَلِيْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ زَنْجَوَيْه يَقُوْلُ: قَدِمْتُ مِصْرَ، فَأَتَيتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ. قَالَ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ مِنْ مَنْزِلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ? فَقُلْتُ: أَنَا مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ? فَإِنِّي أُرِيْدُ أُوافِيَ العِرَاقِ حَتَّى تَجمَعَ بَيْنَنَا. فَكَتَبْتُ لَهُ، فَوَافَى أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ سنَةَ اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ إِلَى عَفَّانَ، فَسَأَلَ عَنِّي، فَلَقِيَنِي، فَقَالَ: المَوْعِدُ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ? فَذَهَبتُ بِهِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَاسْتَأْذَنْتُ لَهُ، فَقُلْتُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بِالبَابِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ وَقَرَّبَهُ, ثُمَّ قَالَ لَهُ: بلغني أنك جمعت حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، فَتَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ، وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ حَتَّى فَرَغَا، فَمَا رَأَيْتُ أَحسَنَ مِنْ مُذَاكَرَتِهِمَا, ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: تَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ، فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ، وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ... , إِلَى أَنْ قَالَ لأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ: عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرِ بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بنِ عَوْفٍ قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنَّ لِي حِلْفَ المُطَيَّبِين" 1.
فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَنْتَ الأُسْتَاذُ، وَتَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا. فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ: رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ رَجُلٌ مَقْبُوْلٌ أَوْ صَالِحٌ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ? فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ ثِقَتَانِ: إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ. فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلاَّ أَملَيْتَهُ عليَّ. فَقَالَ: أَحْمَدُ مِنَ الكِتَابِ، فَقَامَ، وَدَخَلَ، فَأَخْرَجَ الكِتَابَ، وَأَمْلَى عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ أَستَفِدْ بِالعِرَاقِ إِلاَّ هَذَا الحَدِيْثَ لَكَانَ كَثِيْراً ثُمَّ، وَدَّعَهُ، وَخَرَجَ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ، فِي "مُسْنَدِ" الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْهُمَا، وَلَفْظُهُ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ غُلاَماً مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ المُطَيَّبِيْنَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ". فَهَذَا لَفْظُ إِسْمَاعِيْلَ ثُمَّ رَوَاهُ ثَانِياً، فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ