قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: أَعْرِفُهُ بِالسُّنَّةِ مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ عِنْدِي، فِي مِسْلاَخِ1 سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ, أَحَدُ الفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وَعِلْماً وَوَرَعاً وَفَضْلاً. صَنَّفَ الكُتُبَ، وَفَرَّعَ عَلَى السُّنَنِ، وَذَبَّ عَنْهَا, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ في صفر, سنة أربعين ومائتين.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً, أَوْ أَكْثَرَ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ "ح". وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ، وَأَبُو حَفْصٍ المُعَلِّمُ "ح". وَأَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ "ح". وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الحَنْبَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَنِيْنَا قَالُوا أَرَبَعَتُهُمْ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ البَرْمَكِيُّ، فِي الرَّابِعَةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَاسِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الجَوْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ الكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَهُ فِي طَرِيْقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِيْنَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْسَلَّ، فَذَهَبَ، فَاغْتَسَلَ، فَفَقَدَهُ رَسُوْلُ اللهِ، فَلَمَّا جَاءَ, قَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ"؟ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, لَقِيْتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ. قَالَ: "إن المؤمن لا ينجس" 2.
صَحِيْحٌ, تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدُ الطَّوِيْلُ. أَخْرَجَهُ: أَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ, مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ تَدْوِيْنَ المَسَائِلِ، وَيَحُضُّ عَلَى كِتَابَةِ الأَثَرِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل، عن أَبِي ثَوْرٍ، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ إِلاَّ خَيْرٌ, إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُعْجِبُنِي الكَلاَمُ الَّذِي يُصِيِّرُونَهُ فِي كُتُبِهِم.
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ لِلْسَّائِلِ: سَلْ غَيْرَنَا, سَلِ الفُقَهَاءَ, سَلْ أَبَا ثَوْرٍ.
وَقَالَ بَدْرُ بنُ مُجَاهِدٍ: قَالَ لِي سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ: اكْتُبْ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ، وَاخْرُجْ إِلَى أَبِي ثَوْرٍ، وَلاَ يَفُوْتَنَّكَ بِنَفْسِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَتَفَقَّهُ أَوَّلاً بِالرَّأْيِ، وَيَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ العِرَاقِيِّيْنَ, حَتَّى قَدِمَ الشَّافِعِيُّ، فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ، وَرَجَعَ, عَنِ الرَّأْي إِلَى الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ، فَيُخْطِئُ، ويصيب, ليس محله مَحَلَّ المُسْمِعِيْنَ، فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ حُجَّةٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أربعين ومائتين.
أما: