قَالَ ثَعْلَبٌ: لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَاذٌ فِي النَّحْوِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ: شَاوَرَنِي يَعْقُوْبُ فِي مُنَادَمَةِ المُتَوَكِّلِ، فَنَهَيْتُهُ، فَحَمَلَ قَوْلِي عَلَى الحَسَدِ، وَلَمْ يَنْتَهِ.

وَقِيْلَ: كَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا التَّصْرِيْفُ، فَقَدْ سَأَلَهُ المَازِنِيُّ عَنْ وَزْنِ "نَكْتَلْ"، فَقَالَ: "نَفْعَل", فَرَدَّهُ. فَقَالَ: "نَفْتَعِل". فَقَالَ: أَتَكُوْنُ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ وَزْنُهَا خَمْسَةُ أَحْرُفٍ? فَوَقَفَ يَعْقُوْبُ، فَبَيَّنَ المَازِنِيُّ أَنَّ وَزْنَهُ "نَفْتَلُ". فَقَالَ الوَزِيْرُ ابْنُ الزَّيَّاتِ: تَأْخُذُ كُلَّ شَهْرٍ أَلفَيْنِ، وَلاَ تَدْرِي مَا وَزْنُ "نَكْتَل"? فَلَمَّا خَرَجَا, قَالَ ابْنُ السِّكِّيْتُ لِلْمَازِنِيِّ: هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْتَ بِي? فَاعْتَذَرَ.

وَلابْنِ السِّكِّيْتِ شِعْرٌ جَيِّدٌ.

وَيُرْوَى أَنَّ المُتَوَكِّلَ نَظَرَ إِلَى ابْنَيْهِ؛ المُعْتَزِّ وَالمُؤَيِّدِ، فَقَالَ لاِبْنِ السِّكِّيْتِ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ: هُمَا, أَوِ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ? فَقَالَ: بَلْ قَنْبَر. فَأَمَرَ الأَتْرَاكَ فَدَاسُوا بَطْنَهُ، فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ.

وَقِيْلَ: حُمِلَ مَيْتاً فِي بِسَاطٍ. وَكَانَ فِي المُتَوَكِّلِ نَصْبٌ, نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

قَالَ ابْنُ السِّكِّيْتِ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى صَدِيْقٍ لَهُ: قَدْ عَرَضْتُ حَاجَةً إِلَيْكَ، فَإِنْ نَجَحَتْ، فَالفَانِي مِنْهَا حَظِّيَ، وَالبَاقِي حَظُّكَ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالخَيْرُ مَظنُوْنٌ بِكَ، وَالعُذْرُ مُقَدَّمٌ لَكَ، وَالسَّلاَمُ.

قَالَ ثَعْلَبٌ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ أَعْلَمَ بِاللُّغَةِ مِنِ ابْنِ السِّكِّيْتِ، وَكَانَ المُتَوَكِّلُ قَدْ أَلْزَمَهُ تَأْدِيْبَ وَلَدِهِ المُعْتَزِّ، فَلَمَّا حَضَرَ, قَالَ لَهُ ابْنُ السِّكِّيْتِ: بِمَ تُحِبُّ أَنْ تَبْدَأَ? قَالَ: بِالانْصِرَافِ. قَالَ: فَأَقُوْمُ. قَالَ المُعْتَزُّ: فَأَنَا أَخَفُّ مِنْكَ، وَبَادَرَ، فعثر، فسقط، وَخَجِلَ. فَقَالَ يَعْقُوْبُ:

يَمُوْتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ ... وَلَيْسَ يَمُوْتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ

فَعَثْرَتُهُ بِالقَوْلِ تُذْهِبُ رَأْسَهُ ... وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهْلِ

قِيْلَ: كِتَابُ "إصْلاَحِ المَنْطِقِ" كِتَابٌ بِلاَ خُطْبَةٍ، وَكِتَابُ "أَدَبِ الكَاتِبِ" خُطْبَةٌ بِلاَ كِتَابٍ.

قَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ ثَعْلَباً يَقُوْلُ: عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي اللُّغَةِ. وَكَانَ يَقُوْلُ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ فِي ابْنِ السِّكِّيْتِ.

قُلْتُ: "إصْلاَحُ المَنْطِقِ" كِتَابٌ نَفِيْسٌ مَشْكُوْرٌ فِي اللُّغَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015