سَقَامُ الحِرْصِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ ... وَدَاءُ الجَهْلِ لَيْسَ لَهُ طَبِيْبُ
وَقَالَ: أَهدَيتُ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ كِتَابَ "الحَيَوَانِ"، فَأَعطَانِي خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ. وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "البَيَان وَالتبيين" إِلَى أحمد بن أبي دؤاد، فَأَعطَانِي كَذَلِكَ. وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ" إِلَى إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْلِيِّ، فَأَعطَانِي مِثْلَهَا، فَرَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ، وَمَعِيَ ضَيعَةٌ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى تَحدِيْدٍ، وَلاَ إلى تسميد.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدِيْثاً وَاحِداً.
وَتَصَانِيْفُ الجَاحِظِ كَثِيْرَةٌ جِدّاً: مِنْهَا "الرَّدُّ عَلَى أَصْحَابِ الإِلهَامِ"، وَ"الرَّدُّ علَى المُشَبِّهَةِ"، وَ"الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى"، "الطُّفَيْلِيَّةُ"، "فَضَائِلُ التُّرْكِ"، "الرَّدُّ عَلَى اليَهُوْدِ"، "الوَعِيْدُ"، "الحُجَّةُ وَالنُّبُوَّةُ"، "المُعَلِّمِيْنَ"، "البُلْدَانُ"، "حَانُوْتُ عَطَّارٍ"، "ذَمُّ الزَّنَى"، وَأَشْيَاءُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَحْمَدَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ بِصُوْرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أَتَيتُ الجَاحِظَ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ كُوَّةٍ فِي دَارِه، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ? فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ. فقال: أوما عَلِمتَ أَنِّي لاَ أَقُوْلُ بِالحَشْوِيَّةِ? فَقُلْتُ: إِنِّي ابْنُ أَبِي دَاوُدَ. فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ وَبِأَبِيكَ ادْخُلْ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِي: مَا تُرِيْدُ? فَقُلْتُ: تُحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: اكتُبْ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى طِنْفِسَةٍ. فَقُلْتُ: زِدْنِي حَدِيْثاً آخَرَ، فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي دَاوُدَ أَنْ يَكذِبَ.
قُلْتُ: كَفَانَا الجَاحِظُ المَؤُونَةَ، فَمَا رَوَى مِنَ الحَدِيْثِ إِلاَّ النَّزْرَ اليَسِيْرَ، وَلاَ هُوَ بِمُتَّهَمٍ فِي الحَدِيْثِ, بَلَى فِي النَّفْسِ مِنْ حِكَايَاتِهِ وَلَهْجَتِهِ، فَرُبَّمَا جَازَفَ، وَتَلَطُّخُهُ بِغَيْرِ بِدْعَةٍ أَمْرٌ وَاضِحٌ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ عَلاَّمَةٌ, صَاحِبُ فُنُوْنٍ وَأَدَبٍ بَاهِرٍ، وَذَكَاءٍ بَيِّنٍ, عفا الله عنه.