وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ قَدِيْماً, فَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهلِهَا: الحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ, وَالرَّمَادِيُّ، وَحَنْبَلٌ, وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ دُحَيْمٌ بَغْدَادَ سَنَةَ اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ, فَرَأَيْتُ أَبِي وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ, وَخَلَفَ بنَ سَالِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالصِّبْيَانِ قُعُوداً.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَكرَمُوهُ لِكَوْنِهِ قَادِماً, وَاحْتَرَمُوهُ لِحِفظِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: دُحَيْمٌ ثِقَةٌ كَانَ يَخْتلِفُ إِلَى بَغْدَادَ فَذَكَرُوا الفِئَةَ البَاغِيَةَ هُم أَهْلُ الشَّامِ, فَقَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا, فَهُوَ بن الفَاعِلَةِ. فَنَكَّبَ عَنْهُ النَّاسُ ثُمَّ سَمِعُوا مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ نَصْبٍ، أَوْ لَعَلَّهُ قَصَدَ الكَفَّ عَنِ التَّشغِيْبِ بِتَشْعِيْثٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: دُحَيْمٌ: حُجَّةٌ, لَمْ يَكُنْ بِدِمَشْقَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُثْنِي عَلَى دُحَيْمٍ, وَيَقُوْلُ: هُوَ عَاقِلٌ, رَكِينٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ حَرْمَلَةَ.
قُلْتُ: وَمِنْ رِفَاقِهِ: سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ.
وَيَقَعُ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِه فِي "صِفَةِ المُنَافِقِ".
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ: أَنَّ كِتَابَ المُتَوَكِّلِ وَرَدَ عَلَى دُحَيْمٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ فِلَسْطِيْنَ, يَأْمُرُهُ بِالانْصِرَافِ إِلَى مِصْرَ لِيَلِيَهَا, فَتُوُفِّيَ بِفِلَسْطِيْنَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَذَا أَرَّخَ وَفَاتَهُ: ابْنُهُ؛ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ كَانَ المُتَوَكِّلُ لَمَّا سَكَنَ بِدِمَشْقَ بَعْد عَامِ أَرْبَعِيْنَ، وَمائَتَيْنِ, وَأَنْشَأَ القَصْرَ المَشْهُوْرُ بَيْنَ المِزَّةِ، وَدَارَيَّا وَسَكَنَه, عَرَفَ بِفَضِيْلَةِ دُحَيْمٍ وَمَعْرِفَتِه بِالسُّنَنِ, فَأَمَرَ بِتَولِيَتِهِ قَضَاءَ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, فَحَانَ الأَجَلُ. مَاتَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ.
كَتَبَ إليَّ يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا محمد بن