حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى من لحوم الغوافل

قالت: لستَ كذلك. قلت: تَدَعِيْنَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ الله -عز وجل: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْرُ: 11] ، قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى؟ وقالت: كَانَ يَرُدُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم1. متفق عليه.

وقال يونس، عن ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، قال: وكان صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ, وَقَالَ يعرِّض بِهِ:

أَمْسَى الجَلاَبِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا ... وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ

فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بالسيف على رأسه، فيعدو عَلَيْهِ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عنقه بحبل أسود, وقاده إلى دار بني حارثة، فلقيه عبد الله بن رَوَاحَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ! عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ فَوَاللهِ مَا أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ قَتَلَهُ. فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا صَنَعْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خل سبيله فسنغدوا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنعلمه أمره فخل سَبِيْلَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَينَ ابْنُ المُعَطَّلِ"؟. فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَا أنذا يَا رَسُوْلَ اللهِ، فَقَالَ: "مَا دَعَاكَ إِلَى ما صنعت"؟. قال: آذاني وكثَّر عليَّ وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عرَّض بِي في الهجاء، فاحتملني الغضب، وها أنذا، فَمَا كَانَ عليَّ مِنْ حَقٍّ فَخُذْنِي بِهِ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا لي حسان". فأتي به؛ فقال: "يا حَسَّانُ! أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي أَنْ هَدَاهُمُ اللهُ لِلإِسْلاَمِ". يَقُوْلُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِم يَا حَسَّانُ! "أَحْسِنْ فيما أصابك". فقال: هي لك يا رسول الله! فأعطاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِيْرِيْنَ القُبْطِيَّةَ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضاً كَانَتْ لأَبِي طلحة تصدق بها عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وحدثني يعقوب بن عتبة، أن صفوان بن المعطل قال حين ضرب حسان:

تلق ذباب السيف عنك فإنني ... غلام إذا هوجيت لست بشاعر

وقال حسان لعائشة -رضي الله عنها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015