مِنْ مَكَّةَ، فَسَأَلنَاهُ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخِرِ رَمَقٍ, قَالَ لِي: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: أَتَرَى مَا مَكْتُوْبٌ عَلَى الخَيمَةِ? قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئاً. قَالَ: بَلَى أَرَى مَكْتُوْباً: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقضِي أَوْ يَفصِلُ بَيْنَ الظَّالِمِيْنَ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ.
الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ بُنَانٍ سَمِعْتُ حُبَيْشَ بنَ مُبَشِّرٍ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحُجُّ فَيَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ عَلَى المَدِيْنَةِ, وَيَرجِعُ عَلَيْهَا. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا رَجَعَ عَلَى المَدِيْنَةِ, فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً, ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ المَنْزِلَ مَعَ رُفَقَائِه فَبَاتُوا, فَرَأَى فِي النَّوْمِ هَاتِفاً يَهتِفُ بِهِ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا أَتَرغَبُ عَنْ جِوَارِي? فَلَمَّا أَصبَحَ قَالَ لِرُفَقَائِه: امضُوا فَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَى المَدِيْنَةِ, فَمَضَوْا وَرَجَعَ فَأَقَامَ بِهَا ثَلاَثاً ثُمَّ مَاتَ. قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ, وَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: هَذَا الذَّابُّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً, مَا عَرَفْنَاهُ.
وَفِي "تَارِيْخ دِمَشْقَ" مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ سَمِعَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيْثٍ. قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ, أَلاَ تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً, مَا عَرَفْنَاهُ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ غُنْجَارَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى السَّلاَمِيَّ سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ شَاكِرٍ بِبَلَدِ الدَّيْلَمِ سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ مُجَالِدٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: إِذَا كَتَبتَ فَقَمِّشْ وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَيَندَمُ المُنتَخِبُ فِي الحَدِيْثِ حَيْثُ لاَ تَنفَعُهُ النَّدَامَةُ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُنَّا بِقَريَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا شَيْءٌ, وَلاَ ثَمَّ شَيْءٌ نَشتَرِيهِ فَلَمَّا أَصبَحْنَا إِذَا نَحْنُ بِزِنْبِيلٍ مُلِئَ بِسَمَكٍ مَشْوِيٍّ وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ, فَسَأَلُونِي, فَقُلْتُ: اقتَسِمُوهُ, وَكُلُوْهُ, فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَكُمُ اللهُ تَعَالَى. وَسَمِعْتُ يَحْيَى مِرَاراً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ وَالإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيْدُ وَيَنقُصُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَواني، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ, قَالَ: انْتَهَى الحَدِيْثُ إِلَى أربعة أحمد بن حنبل؛ وهو أفقههم فيه, وإلى يحيى بن معين؛ وهو أكتبهم له, وإلى علي بن المديني؛ وهو أعلمهم به, وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ؛ وَهُوَ أحفظهم له.