وَعَنِ البُخَارِيِّ: وَقِيْلَ لَهُ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَنْ أَقْدَمَ العِرَاقَ, وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَيٌّ فَأُجَالِسَهُ. سَمِعَهَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ مِنَ البُخَارِيِّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَعْلَمُ أَمْ عَلِيٌّ? فَقَالَ: عَلِيٌّ أَعْلَمُ بِاخْتِلاَفِ الحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: هَلْ كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحْفَظُ? فَقَالَ: لاَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ قُلْتُ: فَعَلِيٌّ? قَالَ: كَانَ يَحْفَظُ وَيَعْرِفُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ مِثْلِ الشَّاذَكُوْنِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدَهُمْ لَهُ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَفْقَهَهُمْ فِيْهِ وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُهُم بِهِ وَيَحْيَى بن معين أكتبهم له.
قَالَ الفَرْهَياني وَغَيْرُهُ مِنَ الحُفَّاظِ: أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ: عَلِيٌّ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنِي بَكْرُ بنُ خَلَفٍ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَبِهَا شَابٌّ حَافِظٌ كَانَ يُذَاكِرُنِي المُسْنَدَ بِطُرُقِهَا, فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا? قَالَ: أُخْبِرُكَ, طَلَبتُ إِلَى عَلِيٍّ أَيَّامَ سُفْيَانَ أَنْ يُحَدِّثَنِي بِالمُسْنَدِ فَقَالَ: قَدْ عَرَفتَ إِنَّمَا تُرِيْدُ بِذَلِكَ المُذَاكَرَةَ. فَإِنْ ضَمِنتَ لِي أَنَّكَ تُذَاكِرُ وَلاَ تُسَمِّيْنِي فَعَلتُ. قَالَ: فَضَمِنتُ لَهُ وَاختَلَفْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي بِذَا الَّذِي أُذَاكِرُكَ بِهِ حِفْظاً.
قَالَ الفَسَوِيُّ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِبَعْضِ مَنْ كَانَ يَلزَمُ عَلِيّاً فَقَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: غِبتُ عَنِ البَصْرَةِ فِي مَخْرَجِي إِلَى اليَمَنِ -أَظُنُّهُ ذَكَرَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ- وَأُمِّيَ حَيَّةٌ. فَلَمَّا قَدِمْتُ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ فُلاَنٌ لَكَ صَدِيْقٌ وَفُلاَنٌ لَكَ عَدُوٌّ. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ يَا أُمَّهْ? قَالَتْ: كَانَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مُسَلِّمِيْنَ فَيُعَزُّونِي وَيَقُوْلُوْنَ: اصْبِرِيْ فَلَو قَدِمَ عَلَيْكِ, سَرَّكِ اللهُ بِمَا تَرَيْنَ. فَعَلِمتُ أَنَّ هَؤُلاَءِ أصدقاء وفلان وفلان إذا جاءوا يَقُوْلُوْنَ لِي: اكْتُبِي إِلَيْهِ, وَضَيِّقِي عَلَيْهِ لِيَقْدَمَ.
فَأَخْبَرَنِي العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ -أَوْ غَيْرُهُ- قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ صَنَّفتُ "المُسْنَدَ" عَلَى الطُّرُقِ مُستَقْصَىً كَتَبتُهُ فِي قَرَاطِيْسَ وَصَيَّرتُهُ فِي قِمَطْرٍ كَبِيْرٍ وَخَلَّفْتُهُ فِي المَنْزِلِ وَغِبْتُ هَذِهِ الغيبة. قال: فجئت فَحَرَّكتُ القِمَطْرَ فَإذَا هُوَ ثَقِيلٌ بِخِلاَفِ مَا كَانَتْ فَفَتَحْتُهَا فَإِذَا الأَرَضَةُ قَدْ خَالَطَتِ الكُتُبَ فصارت طينًا.