وَمِنْ أَعجَبِ الأُمُورِ: أَنَّ أَبَا عِيْسَى التِّرْمِذِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَرَوَاهُ نَازِلاً كَمَا هُوَ مَوْجُوْدٌ فِي نُسَخٍ عِدَّةٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ البَلْخِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيِّ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ, عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, عَنْ أَحْمَدَ عَنْ قُتَيْبَةَ, فَهَذَا مِنْ طُرُقِ النَّوَازِلِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: رُوَاتُهُ أَئِمَّةٌ, ثِقَاتٌ, وَهُوَ شَاذُّ الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ, ثُمَّ لاَ نَعرِفُ لَهُ عِلَّةً نُعَلِّلُهُ بِهَا, فَلَو كَانَ الحَدِيْثُ عِنْدَ الليث عن أبي الزبير عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ لَعَلَّلْنَا بِهِ الحَدِيْثَ, وَلَوْ كَانَ عِنْدَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ لَعَلَّلْنَا بِهِ, فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ عِلَّةً خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مَعْلُوْلاً, ثُمَّ نَظَرنَا فَلَمْ نَجِدْ لِيَزِيْدَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ رِوَايَةً, وَلاَ وَجَدنَا هَذَا المَتْنَ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الطُّفَيْلِ, وَلاَ عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ يَرْوِيْهِ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ غَيْرَ أَبِي الطُّفَيْلِ, فَقُلْنَا هُوَ شَاذٌ, وَأَئِمَّةُ الحَدِيْثِ إِنَّمَا سَمِعُوهُ مِنْ قُتَيْبَةَ تَعَجُّباً مِنْ إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ, وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُم أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ عِلَّةً.

قُلْتُ: بَلْ رَوَوْهُ فِي كُتُبِهِم, وَاسْتَغْرَبَهُ بَعْضُهُم.

قَالَ الحَاكِمُ: وَقَدْ قَرَأَ عَلَيْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ هَذَا, وَحَدَّثَنَا بِهِ عَنِ النَّسَائِيِّ, وَهُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَلاَ أَبُو عَلِيٍّ لِلْحَدِيْثِ عِلَّةً, فَنَظَرنَا فَإِذَا هُوَ مَوْضُوْعٌ. وَقُتَيْبَةُ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ. فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا بن خُزَيْمَةَ, سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ حَفْصَوَيْه -نَيْسَابُوْرِيٌّ, صَاحِبُ حَدِيْثٍ- يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ: مَعَ مَنْ كَتَبتَ عَنِ اللَّيْثِ حَدِيْثَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ؟ قَالَ: مَعَ خَالِدٍ المَدَائِنِيِّ. قَالَ البُخَارِيُّ: وَكَانَ خَالِدٌ هَذَا يُدْخِلُ عَلَى الشُّيُوْخِ الأَحَادِيْثَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَقِيبَهُ: لاَ يَرْوِيْهِ إِلاَّ قُتَيْبَةُ وَحْدُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيْبٌ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ وَالمَعْرُوْفُ حَدِيْثُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ يَعْنِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُم خَرَجُوا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوْكَ, فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ يَعْنِي: وَلَيْسَ فِيْهِ جَمْعُ التَّقْدِيْمِ.

قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلاَّ قُتَيْبَةُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ غَلِطَ, وَإِنَّ مَوْضِعَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ أَبُو الزُّبَيْرِ.

قُلْتُ: فَيَكُوْنُ قَدْ غَلِطَ فِي الإِسْنَادِ, وَأتَى بِلَفْظٍ مُنْكَرٍ جِدّاً. يَرَوْنَ: أَنَّ خَالِداً المَدَائِنِيَّ أَدْخلَهُ عَلَى اللَّيْثِ, وَسَمِعَهُ قُتَيْبَةُ مَعَهُ, فَاللهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ: هَذَا التَّقْرِيْرُ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّ اللَّيْثَ كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِيْنَ، وَيَروِي مَا لَمْ يَسْمَعْ, وَمَا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015