قَالَ: وَمَاتَ لِلَيلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَعْبَانَ, سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَهُوَ فِي تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ كتب الحديث عن ثلاث طبقات: الليث وبن لَهِيْعَةَ, إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ عَن إِدْرِيْسَ وَوَكِيْعٍ, وَالعَنْقَزِيِّ، وَنَحْوِهِم، ثُمَّ كَتَبَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَأَمَّا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ فَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، سَنَةَ مَوْتِ الأَعْمَشِ، وَسَمِعْتُهُ يقول: حضرت موت بن لَهِيْعَةَ, وَشَهِدْتُ جَنَازَتَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الوَاعِظُ، وَبَيْنَهُمَا فِي المَوْتِ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُوْنَ عَاماً.
وَأَمَّا الخَطِيْبُ، فَقَالَ فِي كِتَابِ "السَّابِقِ وَاللاَحِقِ": حَدَّثَ عَنْهُ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قَالَ بن المُقْرِئِ فِي "مُعْجَمِهِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: كُنَّا عَلَى بَابِ قُتَيْبَةَ, فَمَرِضَ رَجُلٌ كَانَ مَعَنَا، يَقُوْلُ: لاَ أَخْرُجُ حَتَّى أُكَبِّرَ عَلَى قُتَيْبَةَ. قَالَ: فَمَاتَ, فَأَخْبَرُوا بِهِ قُتَيْبَةَ, فَخَرَجَ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ, وَكَتَبَ عَلَى قَبْرِهِ: هَذَا قَبْرُ قَاتِلِ قُتَيْبَةَ.
وَقَدْ رَوَى: أَبُو نَصْرٍ, عَنْ قُتَيْبَةَ, قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, فالله أعلم.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ, عَنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ, قَالَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: هَذَا قَوْلُ الأَئِمَّةِ فِي الإِسْلاَمِ, وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: نَعرِفُ رَبَّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ: تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] .
وَمِمَّا بَلَغَنَا مِنْ شِعْرِ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ قَوْلُهُ:
لَوْلاَ القَضَاءُ الَّذِي لاَ بُدَّ مُدْرِكُه ... وَالرِّزْقُ يَأْكُلُهُ الإِنْسَانُ بِالقَدَرِ
مَا كَانَ مِثْلِيَ فِي بَغْلاَنَ مَسْكَنُهُ ... وَلاَ يَمُرُّ بِهَا إِلاَّ عَلَى سَفَرِ
وكَانَتْ رِحْلَةُ النَّسَائِيِّ إِلَى قُتَيْبَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سَنَةً كَامِلَةً، وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً، لَكِنَّهُ امتَنَعَ وَتَحَرَّجَ مِنْ رِوَايَةِ "كِتَابِ ابْنِ لَهِيْعَةَ"؛ لِضَعْفِهِ عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ سَبَبَ نُزُوْحِ قُتَيْبَةَ مِنْ مَدِيْنَةِ بَلْخَ، وَانقِطَاعِهِ بِقَرْيَةِ بَغْلاَنَ؛ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُ مَالِكٌ, وَجَاءهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ البَلْخي لِلسَّمَاعِ، فَبَرَزَ قُتَيْبَةُ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ المُرْجِئَةِ. فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ مِنْ مَجْلِسهِ -وكان لإبراهيم سَوْرةٌ كَبِيْرَةٌ بِبَلَدِهِ- فَعَادَى قُتَيْبَةَ, وَأَخْرَجَهُ.