إِلَى عَسْكَرِ المَأْمُوْنِ، وَأَطْعَمَ النَّاسَ بِالقَصْرِ ثُمَّ اسْتَتَرَ قَالَ: وَظَفِرَ المَأْمُوْنُ بِهِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ فَعَفَا عَنْهُ، وَبَقِيَ عَزِيْزاً.

قَالَ أَبُو مُحَلَّم: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَهْدِيِّ حِيْنَ أُدْخِلَ عَلَى المَأْمُوْنِ: ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ عُذْرٍ وَعَفْوُكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا اعْتَذَرَ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ تَوَثُّبُهُ بِثَمَانِي سنين عفا عنه وقال: ههنا يا عم! ههنا يَا عَمُّ!.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ حَدِيْثاً لأَحْمَدَ بنِ الهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَهْدِيّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الأَبَحُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا المَصِّيْصِيُّ.

قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: نُودِيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ أَنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ عَفَا عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيْمَ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ حَسَنَ الوَجْهِ حَسَنَ الغِنَاءِ حَسَنَ المَجْلِسِ رَأَيْتُهُ عَلَى حِمَارٍ، فَقَبَّلَ القَوَارِيْرِيُّ فَخِذَهُ.

وَعَنْ مَنْصُوْرِ بنِ المَهْدِيِّ قَالَ: كَانَ أَخِي إِبْرَاهِيْمُ إِذَا تَنَحْنَحَ طَرِبَ مَنْ يَسْمَعُهُ فَإِذَا غَنَّى أَصْغَتِ الوُحُوشُ حَتَّى تَضَعَ رُؤُوْسَهَا فِي حَجْرِهِ فَإِذَا سَكَتَ هَرَبَتْ، وَكَانَ إِذَا غَنَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إلَّا ذهل.

وَقَالَ ابْنُ الفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ: مَا اجْتَمَعَ أَخٌ وَأُخْتٌ أَحْسَنَ غِنَاءً مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَهْدِيِّ وَأُخْتِهِ عُلَيَّةَ.

قَالَ ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ: قَالَ لِيَ المَأْمُوْنُ: قَدْ عَزْمْتُ عَلَى تَقْرِيْعِ عَمِّي فَحَضَرْتُ فَجِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ مَغْلُوْلاً قَدْ تَهَدَّلَ شعره على عيينه فَسَلَّمَ فَقَالَ المَأْمُوْنُ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ أَكُفْراً بِالنِّعْمَةِ وَخُرُوْجاً عَلَيَّ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ: إِنَّ القُدْرَةَ تُذْهِبُ الحَفِيْظَةَ وَمَنْ مُدَّ لَهُ فِي الاغْتِرَارِ هَجَمَتْ بِهِ الأَنَاةُ عَلَى التَّلَفِ، وَقَدْ رَفَعَكَ اللهُ فَوْقَ كُلِّ ذَنْبٍ كَمَا وَضَعَ كُلَّ ذِي ذَنْبٍ دُوْنَكَ فَإِنْ تُعَاقِبْ فَبِحَقِّكَ وَإِنْ تَعْفُ فَبِفَضْلِكَ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَعْنِي: ابْنَهُ العَبَّاسَ وَالمُعْتَصِمَ يُشِيْرَانِ بِقَتْلِكَ قَالَ: أَشَارَا عَلَيْكَ بِمَا يُشَارُ بِهِ عَلَى مِثْلِكَ فِي مِثْلِي وَالمَلِكُ عَقِيْمٌ، وَلَكِنْ تَأْبَى لَكَ أَنْ تَسْتَجْلِبَ نَصْراً إلَّا مِنْ حَيْثُ عَوَّدَكَ اللهُ وَأَنَا عَمُّكَ وَالعَمُّ صِنْوُ الأَبِ وَبَكَى، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَا المَأْمُوْنِ وَقَالَ: خَلُّوا عَنْ عَمِّي ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَنَادَمَهُ وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى ضَرَبَ لَهُ بِالعُوْدِ.

وَقِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ الوَزِيْرَ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنْ قَتَلْتَهُ فَلَكَ نُظَرَاءٌ وَإِنْ عَفَوْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ نَظِيْرٌ.

تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ فِي رَمَضَانَ سنة أربع وعشرين ومائتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015