قُلْتُ: الجَرْحُ مُقَدَّمٌ وَأَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ بَرِيْئانِ مِنَ الحَسَدِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ فِيْهِ غَفْلَةٌ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصُوْنَ نَفْسَهُ كَمَا يَفْعَلُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، رُبَّمَا يَجِيْءُ رَجُلٌ فَيَفْتَرِي عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَيَسُبُّهُ وَرُبَّمَا يَلْطِمُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي أَيَّامِهِ رَجُلٌ يَحْفَظُ مَعَهُ، وَهَؤُلاَءِ يَحْسُدُوْنَهُ.
قُلْتُ: بَلْ يُنْصِفُونَهُ وأنت فما أنصفت.
ابْنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: قَالَ البَغَوِيُّ: كُنَّا عَلَى بَابِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فَجَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى بَغْلَتِهِ فَسَأَلَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ أَنْ يُحَدِّثَهُم فأبى وقال: جئت مسلما عن أَبِي زَكَرِيَّا.
فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ ابْنُ ثِقَةٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى تَوْثِيْقَهُ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُطَيَّنٌ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى وَعَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ، وَغَيْرُهُم حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ الهَمَذَانِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ وَأَبُوْهُ ثِقَةٌ فَقُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ فِيْهِ! قَالَ: يَحْسُدُوْنَهُ هُوَ وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ ثِقَةٌ.
العُقَيْلِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ لِقَوْمٍ غُرَبَاءَ فِي مَجْلِسهِ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُم؟ فَأَخْبَرُوْهُ فَقَالَ: سَمِعْتُمْ بِبَلَدِكُم أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيَّ وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ؟ لاَ تَسْمَعُوا كَلاَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ فَإِنَّهُم يَحْسُدُوْنِي؛ لأَنِّي أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ المُسْنَدَ وَقَدْ تَقَدَّمْتُهُم فِي غَيْرِ شَيْءٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ شَرِيْكٍ مِنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ مُبَرِّزاً فِي الحِفْظِ كَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ وَلَكِنَّهُ أَصْوَنُ مِنَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّهُ وَضَعَ حَدِيْثاً بَلْ رُبَّمَا كَانَ يَتَلَقَّطُ أَحَادِيْثَ ويدعي روايتها فيرويها على وجه التَّدْلِيْسِ وَيُوْهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهَا وَهَذَا قَدْ دَخَلَ فِيْهِ طَائِفَةٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنِ افْتِرَاءِ المُتُوْنِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ سِوَى قَبِيْصَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ وَسِوَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فِي حَدِيْثِ شَرِيْكٍ وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لِيَحْيَى الحِمَّانِيِّ مُسْنَدٌ صَالِحٌ وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالكُوْفَةِ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالبَصْرَةِ: مُسَدَّدٌ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِمِصْرَ: أَسَدُ السنة،