قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَرَجَ أَبِي إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ يَعُوْدُهُ، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلَ إِلَيْهِ، وَعِنْدَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ فَدَخَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: اقْرَأْ عَلَيْنَا كِتَابَكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ لِلْمَأْمُوْنِ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ فَقَالَ: هَاتُوْهُ فَجَاؤُوا بِالكِتَابِ فَأَخَذَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فَجَعَلَ يَبْدَأُ يَقْرَأُ الأَسَانِيْدَ، وَيَدَعُ تَفْسِيْرَ الغَرِيْبِ فَقَالَ أَبِي: دَعْنَا مِنَ الإِسْنَادِ نَحْنُ أَحْذَقُ بِهَا مِنْكَ فَقَالَ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ لأَبِي: دَعْهُ يَقْرَأُ عَلَى الوَجْهِ فَإِنَّ ابْنَكَ مَعَكَ، وَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَسْمَعهُ عَلَى الوَجْهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَا قَرَأْتُهُ إلَّا عَلَى المَأْمُوْنِ فَإِنْ أَحْبَبْتُم أَنْ تَقْرَؤُوهُ فَاقْرَؤُوهُ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنْ قَرَأْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِلاَّ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيْهِ.

وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ فَقَالَ لِيَحْيَى: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ.

فَالتَزَمَهُ، وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا فَمَنْ حَضَرَ ذَلِكَ المَجْلِسَ جَازَ أَنْ يَقُوْلَ: حَدَّثَنَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلاَ يَقُوْلُ.

رَوَاهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الأَنْبَارِيِّ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ يَقْسِمُ اللَّيْلَ أَثَلاَثاً فَيُصَلِّي ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ ثلثه ويصنف الكتب ثلثه.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: دَخَلْتُ البَصْرَةَ لأَسْمَعَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ فَقَدِمْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ فَقَالَ: مَهْمَا سُبِقْتَ بِهِ فَلاَ تُسْبَقَنَّ بِتَقْوَى اللهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الصَّاغَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ يَقُوْلُ: فَعَلْتُ بِالبَصْرَةِ فِعْلَتَيْنِ أَرْجُو بِهِمَا الجَنَّةَ: أَتَيْتُ يَحْيَى القَطَّانَ، وَهُوَ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقُلْتُ: مَعِيَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ يَشْهَدَانِ أَنَّ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: أَنْتَ حَدَّثْتَنَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ عَنِ النَزَّالِ بنِ سَبْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ فَقَالَ: أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، وَلَمْ نَأْلُ قَالَ: وَمَنِ الآخَرُ؟ قُلْتُ: الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ المِسْوَرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ يَقُوْلُ: شَاوَرْتُ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِيْنَ، وَأُمَرَاءَ الأَجْنَادِ وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ أَرَ أَحَداً يَعْدِلُ بِعُثْمَانَ قَالَ: فَتَرَكَ يَحْيَى قَوْلَهُ وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ.

قَالَ: وَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ الخُرَيْبِيَّ فَإِذَا بَيْتُهُ بَيْتُ خَمَّارٍ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: مَا اخْتَلَفَ فِيْهِ أَوَّلُنَا وَلاَ آخِرُنَا قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيْهِ أَوَّلُكُم وَآخِرُكُم قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيْدَةَ قَالَ: اخْتُلِفَ عَلَيَّ فِي الأَشْرِبَةِ فَمَا لِيَ شَرَابٌ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً إلَّا عَسَلٌ أَوْ لَبَنٌ أَوْ مَاءٌ قَالَ: وَمَنْ آخِرُنَا؟ قُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ قَالَ: فَأَخْرَجَ كُلَّ مَا فِي مَنْزِلِهِ فأهراقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015