وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: وُلِدَ بِهَرَاةَ، وَكَانَ أَبُوْهُ عَبْداً لِبَعْضِ أَهْلِهَا. وَكَانَ يَتَوَلَّى الأَزْدَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيُّ: وَمِنْ عُلَمَاءِ بَغْدَادَ المُحَدِّثِيْنَ النَّحْوِيِّينَ عَلَى مَذْهَبِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَرُوَاةِ اللُّغَةِ وَالغَرِيْبِ عَِنِ البَصْرِيِّيْنَ وَالعُلَمَاءِ بِالقِرَاءاتِ، وَمَنْ جَمَعَ صُنُوَفاً مِنَ العِلْمِ وَصَنَّفَ الكُتُبَ فِي كُلِّ فَنٍّ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَكَانَ مُؤَدِّباً لأَهْلِ هَرْثَمَةَ وَصَارَ فِي نَاحِيَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَدِيْنٍ وَسَتْرٍ وَمَذْهَبٍ حَسَنٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالأَصْمَعِيِّ وَاليَزِيْدِيِّ وَغَيْرِهِم مِنَ البَصْرِيِّيْنَ، وَرَوَى عَنِ: ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبِي زِيَادٍ الكِلاَبِيِّ وَالأُمَوِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَالأَحْمَرِ.
نَقَلَ الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخِهِ وَغَيْرُهُ: أَنَّ طَاهِرَ بنَ الحُسَيْنِ حِيْنَ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ نَزَلَ بِمَرْوَ فَطَلَبَ رَجُلاً يُحَدِّثُهُ لَيْلَةً فَقِيْلَ: مَا ههنا إلَّا رَجُلٌ مُؤَدِّبٌ فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ أَبَا عُبَيْدٍ فَوَجَدَهُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأَيَّامِ النَّاسِ، وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالفِقْهِ فَقَالَ لَهُ: مِنَ المَظَالِمِ تَرْكُكَ أَنْتَ بِهَذِهِ البَلْدَةِ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لَهُ: أَنَا مُتَوَجِّهٌ إِلَى حَرْبٍ، وَلَيْسَ أُحِبُّ اسْتِصْحَابَكَ شَفَقاً عَلَيْكَ فَأَنْفِقْ هَذِهِ إِلَى أَنْ أَعُوْدَ إِلَيْكَ فَأَلَّفَ أَبُو عُبَيْدٍ غَرِيْبَ المُصَنَّفِ، وَعَادَ طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ مِنْ ثَغْرِ خُرَاسَانَ فَحَمَلَ مَعَهُ أَبَا عُبَيْدٍ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ ثِقَةً دَيِّناً وَرِعاً كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْه: وَلأَبِي عُبَيْدٍ كُتُبٌ لَمْ يِرْوِهَا قَدْ رَأَيْتُهَا فِي مِيْرَاثِ بَعْضِ الطَّاهِرِيَّةِ تُبَاعُ كَثِيْرَةً فِي أَصْنَافِ الفِقْهِ كُلِّهِ وَبَلَغَنَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَلَّفَ كِتَاباً أَهدَاهُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَيَحْمِلُ إِلَيْهِ مَالاً خَطِيْراً، وذكر فصلًا إلى أن قال: والغريب المُصَنَّفُ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِهِ فِي اللُّغَةِ احْتَذَى فِيْهِ كِتَابَ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ المُسَمَّى بِكِتَابِ الصِّفَاتِ بَدَأَ فِيْهِ بِخَلْقِ الإِنْسَانِ، ثُمَّ بِخَلْقِ الفَرَسِ ثُمَّ بِالإِبِلِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَجْوَدُ.
قَالَ: وَمِنْهَا كِتَابُهُ فِي الأَمْثَالِ أَحْسَنَ تَأْلِيْفَهُ، وَكِتَابُ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ ذَكَرَهُ بِأَسَانِيْدِهِ فَرَغِبَ فِيْهِ أَهْلُ الحَدِيْثِ، وَكَذَلِكَ كِتَابُهُ فِي مَعَانِي القُرْآنِ حَدَّثَ بِنِصْفِهِ وَمَاتَ.
وَلَهُ كُتُبٌ فِي الفِقْهِ فَإِنَّهُ عَمَدَ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَتَقَلَّدَ أَكْثَرَ ذَلِكَ، وَأَتَى بِشَوَاهِدِهِ وَجَمَعَهُ مِنْ رِوَايَاتِهِ وَحَسَّنَهَا بِاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَلَهُ فِي القِرَاءاتِ كِتَابٌ جَيِّدٌ لَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الكُوْفِيِّيْنَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ، وَكِتَابُهُ فِي الأَمْوَالِ مِنْ أحسن ما صنف في الفقه وأجوده.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ أَخْبَرَنَا أَبُو العَلاَء القَاضِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ حَدَّثَنَا الفُسْطَاطِيُّ قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعَ ابْنِ طَاهِرٍ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ أَبُو دُلَفٍ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ: