وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ وَلاَ سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ مضروبًا عليهما.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَمَّادٍ المُقْرِئُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَقَالَ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ قُلْتُ: فَهَذَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَيْشٍ كَانَ مِنْهُ؟ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ فِيْهِ مُسْلِمٌ: هُوَ ثِقَةٌ لَكِنَّه جَهْمِيٌّ.
وَقُلْتُ: وَلِهَذَا مَنَعَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَلَدَيْهِ مِنَ السَّمَاعِ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ يَتَنَطَّعُوْنَ فِي مَنْ لَهُ هَفْوَةٌ صَغِيْرَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَإِلاَّ فَعَلِيٌّ إِمَامٌ كَبِيْرٌ حُجَّةٌ يُقَالُ: مَكَثَ سِتِّيْنَ سَنَةً يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً. وَبِحَسْبِكَ أَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ يَقُوْلُ فِي كَامِلِهِ: لَمْ أَرَ فِي رِوَايَاتِه حَدِيْثاً مُنْكَراً إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي النَّضْرِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: قَالَ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا كَانَ أَحْفَظَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ لِحَدِيْثِه! وَهُوَ صَدُوْقٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَحضَرَ المَأْمُوْنُ أَصْحَابَ الجَوْهَرِ فَنَاظَرَهُم عَلَى مَتَاعٍ كَانَ مَعَهُم ثُمَّ نَهَضَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي المَجْلِسِ إلَّا عَلِيَّ بن الجَعْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَالمُغْضَبِ ثُمَّ اسْتَخْلاَهُ فَقَالَ: يَا شَيْخُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُوْمَ؟ قَالَ: أَجلَلْتُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ لِلْحَدِيْثِ الَّذِي نَأْثُرُهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 1. فَأَطرَقَ المَأْمُوْنُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: لاَ يُشتَرَى إلَّا مِنْ هَذَا فَاشْتَرَوْا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ بِثَلاَثِيْنَ ألف دينار.