السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ... فِي حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنَ الجَدِّ وَاللَّعِبِ
وَالعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً ... بَيْنَ الخَمِيْسَيْنِ لاَ فِي السَّبْعَةِ الشهب
أَيْنَ الرِّوَايَةُ أَمْ أَيْنَ النُّجُوْمُ وَمَا ... صَاغُوهُ مِنْ زُخْرُفٍ فِيْهَا وَمِنْ كَذِبِ
تَخَرُّصاً وَأَحَادِيْثاً مُلَفَّقَةً ... لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ وَلاَ غَرَبِ
عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ، قَالَ: كَانَ المُعْتَصِمُ يُخْرِجُ إِلَيَّ سَاعِدَهُ، وَيَقُوْلُ: عَضَّهُ بِأَكْبَرِ قُوَّتِكَ. فَأَقُوْلُ: مَا تَطِيْبُ نَفْسِي فَيَقُوْلُ: لاَ يَضُرُّنِي فَأَرُوْمُ ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ لاَ تَعْمَلُ فِيْهِ الأَسِنَّةُ فَضْلاً عَنِ الأَسنَانِ. وَقَبَضَ عَلَى جُنْدِيٍّ ظَالِمٍ فَسَمِعْتُ صَوْتَ عِظَامِهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَسَقَطَ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي دُوَادَ وَذَكَرَ المُعْتَصِمَ فَبَالَغَ، وَقَالَ: كُنْتُ أُزَامِلُهُ فِي سَفَرِهِ وَوَصَفَ سعة أخلاقه.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَثُرَ عَسْكَرُ المُعْتَصِمِ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم بَغْدَادُ، فَبَنَى مَدِيْنَةَ سُرَّ مَنْ رَأَى، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا. وَتُسمَّى أَيْضاً: العَسْكَرَ.
وَقِيْلَ: كَانَ عَلِيْقُ دَوَابِّ المُعْتَصِمِ خَمْسِيْنَ أَلْفَ مِخْلاَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة} . [الأَنْعَامُ: 44] .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: جَعَلَ المُعْتَصِمُ يَقُوْلُ: ذَهَبَتِ الحِيلَةُ فَلَيْسَ حِيْلَةً حَتَّى صَمَتَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: أُوْخَذُ وَحْدِي مِنْ بَيْنِ هَذَا الخَلْقِ.
وَلَهُ نَظْمٌ وَسَطٌ وَكَلِمَاتٌ جَيِّدَةٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ جَعَلَ زَنْدَ رَجُلٍ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ فَكَسَرَهُ.
قِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: عاقل عاقل مرتين أحمق.
قَالَ إِسْحَاقُ المُصْعَبِيُّ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ المُعْتَصِمِ رَجُلاً لَقَدْ رَأَيْتُهُ يُمْلِي كِتَاباً، وَيَقْرَأُ كِتَاباً وَيعْقِدُ بِيَدِهِ، وَإِنَّهُ لَيُنْشِدُ شِعْراً يَتَمَثَّلُ بِهِ.
مَاتَ المُعْتَصِمُ: يَوْمَ الخَمِيْسِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الوَاثِقُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَخَافُكَ مِنْ قِبَلِي وَلاَ أَخَافُكَ مِنْ قِبَلِكَ وأرجوك من قبلك قبلي وَلاَ أَرْجُوْكَ مِن قِبَلِي.
وَلْنَذْكُرْ مَعَهُ ابْنَهُ الوَاثِقَ. وَلَهُ مِنَ الوَلَدِ أَيْضاً: جَعْفَرٌ المُتَوَكِّلُ وَالعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللهِ، وَسُلَيْمَانُ وَإِبْرَاهِيْمُ وَفَاطِمَةُ وَأُمُّ القَاسِمِ، وَأُمُّ العَبَّاسِ وَأُمُّ مُوْسَى وَعَائِشَةُ وَأُمُّ الفَضْلِ وَأُمُّ مُحَمَّدٍ، وَأُمُّ عِيْسَى وَأُمُّ مُوْسَى، وَأُمُّ أَبِيْهَا وَأُمُّ عَبْدِ الله.