سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِصْرَ وَقَتَلَ المُتَغَلِّبُ عَلَيْهَا عَبْدُوْساً الفِهْرِيَّ ثُمَّ كَرَّ إِلَى أَذَنَةَ، وَسَارَ فنازل لؤلؤة وحاصرها مائة يوم وترحل.

وَأَقبَلَ تُوفِيلُ طَاغيَةُ الرُّوْمِ ثُمَّ، وَقَعَتِ الهُدْنَةُ بَعْدَ أَنْ كَتَبَ تُوفِيلُ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَأَغلَظَ فِي المُكَاتِبَةِ فَغَضِبَ المَأْمُوْنُ، وَعَزَمَ عَلَى المَسِيْرِ إِلَى قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ فَهَجَمَ الشِّتَاءُ.

وَفِيْهَا: وَقَعَ حَرِيْقٌ عَظِيْمٌ بِالبَصْرَةِ أَذهَبَ أَكْثَرَهَا.

وَفِي سَنَةِ 218:اهتَمَّ المَأْمُوْنُ بِبِنَاءِ طُوَانَةَ، وَحَشَدَ لَهَا الصُّنَّاعَ وَبنَاهَا ميلًا في ميل، وهي وراء طرطوس، وَافتَتَحَ عِدَّةَ حُصُوْنٍ وَبَالَغَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ، وَحَبَسَ إِمَامَ الدِّمَشْقِيِّينَ أَبَا مُسْهِرٍ بَعْدَ أَنْ وَضَعَهُ فِي النِّطْعِ لِلْقَتلِ، فَتَلَفَّظَ مُكْرَهاً.

وَكَتَبَ المَأْمُوْنُ إِلَى نَائِبِهِ عَلَى العِرَاقِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخُزَاعِيِّ كِتَاباً يَمتَحِنُ العُلَمَاءَ يَقُوْلُ فِيْهِ: وَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ الجُمْهُوْرَ الأَعْظَمَ وَالسَّوَادَ مِنْ حَشوِ الرَّعِيَةِ وَسَفِلَةِ العَامَّةِ مِمَّنْ لاَ نَظَرَ لَهُم، وَلاَ رَوِيَّةَ أَهْلُ جَهَالَةٍ وَعَمَىً عَنْ أن يعرفوا الله كنه معرفته ويقدروه حتى قَدْرِه، وَيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فَسَاوَوْا بَيْنَ اللهِ، وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَأَطبَقُوا عَلَى أَنَّ القُرْآنَ قَدِيْمٌ لَمْ يَخْتَرِعْهُ اللهُ، وَقَدْ قَالَ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا} [الزخرف: 3] ، فُكُلُّ مَا جَعَلَهُ فَقَدْ خَلَقَهُ كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} [الأنعام: 1] ، وَقَالَ: {نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَق} [طه: 99] فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها. وقال: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1] وَاللهُ مُحْكِمٌ لَهُ فَهُوَ خَالِقُهُ وَمُبْدِعُهُ. إِلَى أَنْ قَالَ: "فَمَاتَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ السَّمْتِ الكَاذِبِ وَالتَّخَشُّعِ لِغَيرِ اللهِ إِلَى مُوَافَقَتِهِم، فَرَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنَّهُم شَرُّ الأُمَّةِ وَلَعَمْرُو أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِنَّ أَكذَبَ النَّاسِ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَوَحْيِهِ وَلَمْ يَعْرِفِ اللهَ حقَّ مَعْرِفَتِهِ، فَاجمَعِ القُضَاةَ وَامتَحِنْهُم فِيْمَا يَقُوْلُوْنَ، وَأَعْلِمْهُم أَنِّي غَيْرُ مُسْتَعِينٌ فِي عَمَلٍ وَلاَ وَاثِقٌ بِمَنْ لاَ يُوثَقُ بِدِيْنِهِ فَإِنْ وَافقُوا، فَمُرْهُم بِنَصِّ مَنْ بِحَضْرَتِهِم مِنَ الشُّهُودِ وَمَسْأَلَتِهِم عَنْ عِلْمِهِم فِي القُرْآنِ، وَرَدِّ شَهَادَةَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مَخْلُوْقٌ".

وَكَتَبَ المَأْمُوْنُ أَيْضاً فِي أَشْخَاصٍ سَبْعَةٍ: مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ مَعِيْنٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ المُسْتَمْلِي وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ دَاوُدَ وأحمد الدورقي، فامتحنوا فأجوا قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: جَبُنَّا خَوْفاً مِنَ السَّيْفِ، وَكَتَبَ بِإِحضَارِ مَنِ امتَنَعَ مِنْهُم: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ وَأَبِي حَسَّانٍ الزِّيَادِيِّ وَالقَوَارِيْرِيِّ وَسَجَّادَةَ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي مُقَاتِلٍ، وَذَيَّالِ بنِ الهَيْثَمِ وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَسَعْدُوَيْه فِي عِدَّةٍ فَتَلَكَّأَ طَائِفَةٌ، وَصَمَّمَ أَحْمَدُ وَابْنُ نُوْحٍ فَقُيِّدَا وَبَعَثَ بِهِمَا فَلَمَّا بَلَغَا الرَّقَّةَ تَلَقَّاهُم موت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015