وَابْنُ عَفَّانَ فِي الجِنَانِ مَعَ ال ... أَبْرَارِ ذَاكَ القَتِيلُ مُصْطَبِرَا

وَعَائِشُ الأُمُّ لَسْتُ أَشْتُمُهَا ... من يفتريها فنحن منه برا

قِيْلَ: إِنَّ المَأْمُوْنَ لِتَشَيُّعِهِ أَمَرَ بِالنِّدَاءِ بِإِبَاحَةِ المُتْعَةِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، فَذَكَرَ لَهُ حَدِيْثَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِتَحْرِيْمِهَا، فَلَمَّا عَلِمَ بِصِحَّةِ الحَدِيْثِ رَجَعَ إِلَى الحَقِّ، وَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ بِتَحْرِيْمِهَا.

أَمَا مَسْأَلَةُ القُرْآنِ فَمَا رَجَعَ عَنْهَا، وَصَمَّمَ عَلَى امْتِحَانِ العُلَمَاءِ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، وَشَدَّدَ عَلَيْهِم فَأَخَذَهُ اللهُ.

وَكَانَ كَثِيْرَ الغَزْوِ وَفِي ثَانِي سَنَةٍ مِنْ خِلاَفتِهِ: خَرَجَ عَلَيْهِ بِالكُوْفَةِ مُحَمَّدُ بن طباطبا العلوي يدعو إلى الرضا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَالعَمَلِ بِالسُّنَّةِ، وَكَانَ مُدِيرَ دَولَتِهِ أَبُو السَّرَايَا الشَّيْبَانِيُّ، وَيُسْرِعُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَبَادَرَ إِلَيْهِ الأَعرَابُ. فَالتَقَاهُ عَسْكَرُ المَأْمُوْنِ عَلَيْهِم زُهَيْرُ بنُ المُسَيَّبِ فَانهَزَمُوا، وَقَوِيَ أَمرُ العَلَوِيِّ ثُمَّ أَصْبَحَ مَيتاً فَجأَةً فَقِيْلَ: سَمَّهُ أَبُو السَّرَايَا، وَأَقَامَ فِي الحَالِ مكَانَهُ أَمرَدَ عَلَوِيّاً ثُمَّ تَجَهَّزَ لِحَرْبِهِم جَيْشٌ فَكُسِرُوا، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُم عَبْدُوْسٌ المَرْوَرُّوْذِيُّ، وَقَوِيَ الطَّالِبِيُّونَ، وَأَخَذُوا وَاسِطاً وَالبَصْرَةَ، وَعَظُمَ الخَطْبُ ثُمَّ حُشِدَ الجَيْشُ عَلَيْهِم هَرْثَمَةُ وَجَرَتْ فُصُولٌ طَوِيْلَةٌ، وَالتَقَوْا غَيْرَ مَرَّةٍ ثُمَّ هَرَبَ أَبُو السَّرَايَا وَالطَّالِبِيُّونَ مِنَ الكُوْفَةِ، ثُمَّ قُتِلَ أَبُو السَّرَايَا سَنَة مائَتَيْنِ وَهَاجَتِ العَلَوِيَّةُ بِمَكَّةَ وَحَارَبُوا، وَعَظُمَ هَرْثَمَةُ بنُ أَعْيَنَ وَأُعْطِيَ إِمْرَةَ الشَّامِ، فَلَمْ يَرْضَ بِهَا وَذَهَبَ إِلَى مرو فقتلوه.

ثُمَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ: جَعَلَ المَأْمُوْنُ ولي عهده عليا الرضا، وَلَبِسَ الخُضْرَةَ، وَثَارَتِ العَبَّاسِيَّةُ، فَخَلَعُوهُ، وَفِيْهَا تَحَرَّكَ بابك الخرمي بأذربيجان وقتل وسبى، وذكر الرضا لِلْمَأْمُوْنِ مَا النَّاسُ فِيْهِ مِنَ الحَرْبِ وَالفِتَنِ مُنْذُ قَتْلِ الأَمِيْنِ، وَبِمَا كَانَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ يُخْفِيهِ عَنْهُ مِنَ الأَخْبَارِ، وَأَنَّ أَهْلَ بيتِهِ قَدْ خَرَجُوا وَنَقَمُوا أَشْيَاءَ، وَيَقُوْلُوْنَ: هُوَ مَسْحُوْرٌ، وَهُوَ مَجْنُوْنٌ قَالَ: وَمَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: عِدَّةٌ مِنْ أُمَرَائِكَ فَاسْأَلْهُم. فَأَبَوْا أَنْ يَنطِقُوا إلَّا بِأَمَانٍ مِنَ الفَضْلِ فَضَمِنَ ذَلِكَ فَبَيَّنُوا لَهُ، وَأَنَّ طَاهِرَ بنَ الحُسَيْنِ قَدْ أَبلَى فِي طَاعَتِكَ وَفَتَحَ الأَمصَارَ، وَقَادَ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ الخِلاَفَةَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَصُيِّرَ فِي الرَّقَّةِ وَلَوْ كَانَ عَلَى العِرَاقِ حَاكماً لَضَبَطَهَا بِخلاَف الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ. وَقَالُوا لَهُ: فَسِرْ إِلَى العِرَاقِ فَلَو رَآكَ القُوَّادُ لأَذْعَنُوا بِالطَّاعَةِ فَقَالَ: سِيْرُوا فَلَمَّا عَلِمَ الفَضْلُ ضَرَبَ بَعْضَهُم وَحَبَسَ آخَرِيْنَ وَمَا أَمكَنَ المَأْمُوْنَ مُبَادَرَتُهُ، فَسَارَ مِنْ مَرْوَ إِلَى سَرْخَسَ فَشَدَّ قَوْمٌ عَلَى الفَضْلِ، فَقَتَلُوهُ فِي حَمَّامٍ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ عَنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَجَعَلَ المَأْمُوْنُ لِمَنْ جَاءَ بِقَاتِلِيهِ عَشْرَةَ آلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015