الَّذِي يُجْرَى عَلَيْهِ وَكَانَ المَأْمُوْنُ يُجْرِي عَلَى عَفَّانَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيَّ الكِتَابَ قَالَ لِي إِسْحَاقُ: مَا تَقُوْلُ؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} حَتَّى خَتَمْتُهَا فَقُلْتُ: أَمَخْلُوْقٌ هَذَا؟ فَقَالَ: يَا شَيْخُ! إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَقُوْلُ: إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُجِبْهُ إِلَى الَّذِي يَدْعُوكَ إِلَيْهِ يَقْطَعْ عَنْكَ مَا يُجرِي عَلَيْكَ فَقُلْتُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذَّارِيَاتُ: 22] ، فَسَكَتَ عَنِّي وَانْصَرَفْتُ فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى.

قُلْتُ: هَذِهِ الحِكَايَةُ تَدُلُّ عَلَى جَلاَلَةِ عَفَّانَ، وَارْتِفَاعِ شَأْنِهِ عِنْدَ الدَّوْلَةِ فَإِنَّ غَيْرَهُ امْتُحِنَ، وقيد وسجن، وعفان فَعَلُوا مَعَهُ غَيْرَ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ عَنْهُ.

قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزِيْلَ يَقُوْلُ: لَمَّا دُعِيَ عَفَّانُ لِلْمِحْنَةِ كُنْتُ آخِذاً بِلِجَامِ حِمَارِهِ فَلَمَّا حَضَرَ عُرِضَ عَلَيْهِ القَوْلُ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيْبَ فَقِيْلَ لَهُ: يُحْبَسُ عَطَاؤُكَ قَالَ: وَكَانَ يُعْطَى فِي كُلِّ شَهْرٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى دَارِهِ عَذَلَهُ نِسَاؤُهُ، وَمَنْ فِي دَارِهِ قَالَ: وَكَانَ فِي دَارِهِ نَحْوُ أربعين إنسانا فدق عليه البَابَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شَبَّهْتُهُ بِسَمَّانٍ، أَوْ زَيَّاتٍ وَمَعَهُ كِيْسٌ فِيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانُ! ثَبَّتَكَ اللهُ كَمَا ثَبَّتَّ الدِّيْنَ وَهَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ.

حَاجِبُ الطُّوْسِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُنِيْبٍ قَالَ: قَالَ عفان: اختلف أَنَا، وَفُلاَنٌ إِلَى حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ سَنَةً لاَ نَكْتُبُ شَيْئاً وَسَأَلْنَاهُ الإِمْلاَءَ فَلَمَّا أَعْيَاهُ دَعَا بِنَا إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! تُشْلُوْنَ1 عَلَيَّ النَّاسَ قُلْنَا: لاَ نَكْتُبُ إلَّا إِمْلاَءً فَأَملَى بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: إِذَا اخْتَلَفَ أَبُو الوَلِيْدِ، وَعَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ فَالقَوْلُ قَوْلُ عَفَّانَ، عَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْهُ وَأَكْيَسُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، وَعَفَّانُ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ.

ابْنُ الغَلاَبِيِّ قَالَ: ذُكِرَ لابْنِ مَعِيْنٍ عَفَّانُ، وَثَبْتُهُ فَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُ عَلِيْهِ خَطَأَهُ فِي غَيْرِ حَدِيْثٍ.

عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّائِغَ قَالَ: اجْتَمَعَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَعَفَّانُ: فَقَالَ عَفَّانُ ثَلاَثَةٌ يُضَعَّفُوْنَ فِي ثَلاَثَةٍ: عَلِيٌّ فِي حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ فِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي شَرِيْكٍ فَقَالَ عَلِيٌّ: وَرَابِعٌ مَعَهُمْ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: عَفَّانُ فِي شُعْبَةَ.

ثُمَّ قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وَأَرْبَعَتُهُم أَقْوِيَاءُ وَلَكِنَّ هذا على المزاح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015