وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

وَرَوَى حنبل عن أبي عبد الله قَالَ: كَانَ كَثِيْرَ الغَلَطِ، وَكَانَ صَغِيْراً لاَ يَضْبِطُ. قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: فَفِي غَيْرِ سُفْيَانَ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً ثِقَةً لاَ بَأْسَ بِهِ فِي بَدَنِهِ، وَأَيُّ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ؟ يَعْنِي: أَنَّهُ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ.

وَقَالَ عبد الله بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ قَبِيْصَةَ وَأَبَا حُذَيْفَةَ فَقَالَ: قَبِيْصَةُ أَثْبَتُ مِنْهُ جِدّاً -يَعْنِي: فِي حَدِيْثِ سُفْيَانَ- أَبُو حُذَيْفَةَ شِبْهُ لاَ شَيْءَ وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُمَا جَمِيْعاً.

وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةَ: كَانَ قَبِيْصَةُ رَجُلاً صَالِحاً تَكَلَّمُوا فِي سَمَاعِهِ مِنْ سُفْيَانَ.

قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ، وَمَا هُوَ فِي سُفْيَانَ كَابْنِ مَهْدِيٍّ وَوَكِيْعٍ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ الجَمَاعَةُ فِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ وَكَانَ مِنَ العَابِدِيْنَ.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ هَنَّاداً يَقُوْلُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِذَا ذُكِرَ قَبِيْصَةُ: الرَّجُلُ الصَّالِحُ وَتَدْمَعُ عَيْنَاهُ وَكَانَ هَنَّادٌ كَثِيْرَ البُكَاءِ.

وَقَالَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ: كان قبيصة يحدث بحديث الثوري عَلَى الوِلاَءِ، دَرْساً دَرْساً حِفْظاً.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ دَاوُدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الفَارِسِيُّ: سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ قَبِيْصَةَ! مَا رَأَيْتهُ مُتَبَسِّماً قَطُّ مِنْ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ.

قُلْتُ: كَذَا كَانَ وَاللهِ أَهْلُ الحَدِيْثِ العِلْمَ وَالعِبَادَةَ وَاليَوْمَ فَلاَ عِلْمَ، وَلاَ عِبَادَةَ بَلْ تَخْبِيْطٌ وَلَحنٌ، وَتَصْحِيْفٌ كَثِيْرٌ وَحِفْظٌ يَسِيْرٌ، وَإِذَا لَمْ يَرْتَكِبِ العَظَائِمَ، وَلاَ يُخِلَّ بِالفَرَائِضِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ.

قَالَ جَعْفَرُ بنُ حَمْدُوَيْه: كُنَّا عَلَى بَابِ قَبِيْصَةَ، وَمَعَنَا دُلَفُ ابْنُ الأَمِيْرِ أَبِي دُلَفٍ، وَمَعَهُ الخَدَمُ يَكْتُبُ الحَدِيْثَ فَصَارَ إِلَى بَابِ قَبِيْصَةَ فَدَقَّ عَلَيْهِ، فَأَبطَأَ قَبِيْصَةُ فَعَاوَدَهُ الخَدَمُ، وَقِيْلَ لَهُ: ابْنُ مَلِكِ الجَبَلِ عَلَى البَابِ وَأَنْت لاَ تَخْرُجُ إِلَيْهِ! فَخَرَجَ وَفِي طَرَفِ إِزَارِه كِسَرٌ مِنَ الخُبْزِ فَقَالَ: رَجُلٌ قَدْ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِهَذَا مَا يَصْنَعُ بِابْنِ مَلِكِ الجَبَلِ؟ وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُهُ فَلَمْ يُحَدِّثْهُ.

قَالَ هَارُوْنُ الحَمَّالُ: سَمِعْتُ قَبِيْصَةَ يَقُوْلُ: جَالَسْتُ الثَّوْرِيَّ وَأَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ثَلاَثَ سِنِيْنَ.

وَمِنْ تَعَنُّتِ القَاضِي أَبِي الحَسَنِ بنِ القَطَّانِ المَغْرِبِيِّ الحَافِظَ عبدَ الحَقِّ قَوْلُهُ: يَرْوِي فِي الأَحْكَامِ لِقَبِيْصَةَ، وَلاَ يَعرِضُ لَهُ وَهُوَ عِنْدَهُم كَثِيْرُ الخَطَأِ.

قُلْتُ: قَدْ قَفَزَ قَبِيْصَةُ القَنْطَرَةَ وَاحتَجُّوا بِهِ، فَأَرنِي الحَدِيْثَ المُنْكَرَ الَّذِي يُنْقَمُ بِهِ عَلَى قَبِيْصَةَ.

قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتَمٍ وَمُطَيَّنُ، وَغَيْرُهُمُ: مَاتَ قَبِيْصَةُ سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَمائَتَيْنِ وَشَذَّ: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ -بَلْ وَهِمَ- فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.

رووا له في الكتب الستة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015