قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لأَهْلِ بَغْدَادَ، وَالكُوْفَةِ مِنَ النُّحَاةِ إلَّا الكِسَائِيُّ، وَالفَرَّاءُ لَكَفَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الفَرَّاءُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّحْوِ.
وَعَنْ هَنَّادٍ قَالَ: كَانَ الفَرَّاءُ يَطُوْفُ مَعَنَا عَلَى الشُّيُوْخِ، وَلاَ يَكْتُبُ فَظَنَنَّا أَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ: مَا رَأَيْتُ مَعَ الفَرَّاءِ كِتَاباً قَطُّ إلَّا كِتَابَ يَافِعٍ وَيفْعَةٍ.
وَعَنْ ثُمَامَةَ بنِ أَشْرَسِ: رَأَيْتُ الفَرَّاءَ فَفَاتَشْتُهُ عَنِ اللُّغَةِ فَوَجَدْتُهُ بَحْراً وَعَنِ النَّحْوِ فَشَاهَدْتُهُ نَسِيْجَ وَحْدِهِ وَعَنِ الفِقْهِ فَوَجَدْتُهُ عَارِفاً بِاخْتِلاَفِ القَوْمِ، وَبِالطِّبِّ خَبِيْراً وَبِأَيَّامِ العَرَبِ وَالشِّعْرِ وَالنُّجُوْمِ فَأَعْلَمْتُ بِهِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَطَلَبَهُ.
وَلِلْفَرَّاءِ: كِتَابُ البَهِيَّ فِي حَجْمِ الفَصِيْحِ لِثَعْلَبٍ وَفِيْهِ أَكْثَرُ مَا فِي الفَصِيْحِ غَيْرَ أَنَّ ثَعْلَباً رَتَّبَهُ عَلَى صُوْرَةٍ أُخْرَى.
وَمِقْدَارُ تَوَالِيْفِ الفَرَّاءِ: ثَلاَثَةُ آلاَفِ وَرَقَةٍ.
وَقَالَ سَلَمَةُ: أَمَلَّ الفَرَّاءُ كُتُبَهُ كُلَّهَا حِفْظاً.
وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالفَرَّاءِ؛ لأنه كان يفري الكلام.
وَقَالَ سَلَمَةُ: إِنِّيْ لأَعْجَبُ مِنَ الفَرَّاءِ كَيْفَ يُعَظِّمُ الكِسَائِيَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالنَّحْوِ مِنْهُ.
مَاتَ الفَرَّاءُ بِطَرِيقِ الحَجِّ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً رَحِمَهُ اللهُ.