قُمْتُ قَالَ: لاَ تَغْفَلْ عَنِّي فَإِنِّي مَكْرُوبٌ قَالَ يُوْنُسُ: عَنَى بِقِرَاءتِي مَا لَقِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ أَوْ نَحْوَهُ.

ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا المُزَنِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ على الشافعي في موضه الَّذِي مَاتَ فِيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: أَصْبَحْتُ مِنَ الدُّنْيَا رَاحِلاً، وَلإِخْوَانِي مُفَارِقاً وَلِسُوءِ عَمَلِي مُلاَقِياً، وَعَلَى اللهِ وَارِداً مَا أَدْرِي رُوْحِي تصير إلى جنة فأهنيها، أَوْ إِلَى نَارٍ فَأُعَزِّيْهَا ثُمَّ بَكَى وَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:

وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي ... جَعَلْتُ رَجَائِي دُوْنَ عَفْوِكَ سُلَّمَا

تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ ... بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا

فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ ... تَجُوْدُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا

فَإِنْ تَنْتَقِمْ مِنِّي فَلَسْتُ بِآيِسٍ ... وَلَوْ دَخَلَتْ نَفْسِي بِجِرمِي جَهَنَّمَا

ولولاك لم يغو بِإِبْلِيْسَ عَابِدٌ ... فَكَيْفَ وَقَدْ أَغوَى صَفِيَّكَ آدَمَا

وَإِنِّيْ لآتِي الذّنْبَ أَعْرِفُ قَدْرَهُ ... وَأَعلَمُ أَنَّ اللهَ يَعْفُو تَرَحُّمَا

إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ عَنْهُ.

قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مريضٌ فَسَأَلنِي عَنِ أَصْحَابِنَا فَقُلْتُ: إِنَّهُم يَتَكَلَّمُوْنَ فَقَالَ: مَا نَاظَرْتُ أَحَداً قَطُّ عَلَى الغَلَبَةِ، وَبِودِّي أَنَّ جَمِيْعَ الخَلْقِ تَعَلَّمُوا هَذَا الكِتَابَ يَعْنِي: كُتُبَهُ عَلَى أَنْ لاَ يُنْسَبَ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ. قَالَ هَذَا يَوْمَ الأَحَدِ، وَمَاتَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَانْصَرَفْنَا مِنْ جِنَازَتِهِ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ فَرَأَيْنَا هِلاَلَ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ وَلَهُ نَيِّفٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً.

ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ نَزِيْلُ مَكَّةَ، حَدَّثَنِي الحَارِثُ بنُ سُرَيْجٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ عَلَى خَادِمِ الرَّشِيْدِ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ قَدْ فُرِشَ بِالدِّيْبَاجِ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ الخَادِمُ: ادْخُلْ قَالَ: لاَ يَحِلُّ افْتِرَاشُ الحُرُمِ. فَقَامَ الخَادِم مُتَبَسِّماً. حَتَّى دَخَلَ بيتاً قَدْ فُرِشَ بِالأَرْمَنِيِّ فَدَخَلَ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ أَقبلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: هَذَا حَلاَلٌ وَذَاكَ حَرَامٌ، وَهَذَا أحسنُ مِنْ ذَاكَ، وَأكثرُ ثَمَناً فَتَبَسَّمَ الخَادِمُ وَسَكَتَ.

وَعَنِ الرَّبِيْعِ لِلشَّافِعِيِّ:

لَقَدِ أصبحَتْ نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى مِصْرَ ... وَمِنْ دُونِهَا أَرْضُ المَهَامِهِ وَالقَفْرِ

فَوَاللهِ مَا أَدْرِي أَلِلْمَالِ وَالغِنَى ... أُسَاقُ إِلَيْهَا أَمْ أُسَاقُ إِلَى قبري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015